للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمقتضى ظاهر النص "لا يعضد شوكه" يتناوله بحكمة وهو عدم جواز التخلص منه بقطع أو غيره ومقتضى العلة المستنبطة من الحديث خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم … وهي الإيذاء يتناوله بحكمه وهو جواز التخلص منه بقطع أو غيره.

ولدفع هذا التعارض وجمعًا بين دليلي العموم والعلة قيل بتخصيص عموم النص بالعلة، وتخصيص العموم صرفٌ للنص عن معناه الظاهر إلى المعنى المؤول، وعليه، فالقول بتخصيص العام بالقياس ما هو إلا قول بتقديم مقتضى العلة على مقتضى ظاهر النص عند التعارض، فإذا كان كذلك فأيُّ فرق بين أن يُقدم مقتضى العلة المستنبطة من نص ما على مقتضى ظاهر نص آخر - كما هو الحال في تخصيص العام بالقياس - وبين أن يُقدم مقتضى العلة المستنبطة من نص ما على مقتضى ظاهر النص نفسه الذي استُنبطت منه العلة - كما هو الحال في تأثير تعليل النص على دلالته -؟.

أليس ذاك نصًا بطل ظاهره بالعلة وهذا كذلك؟

وأليس القول بتقديم مقتضى العلة على مقتضى النص عند التعارض حاصل في الحالين؟

وإذن، فمن قال بجواز تخصيص العام بالقياس - وهم الجمهور من الأصوليين (١) - يلزمه بلا بد القول بتأثير تعليل النص على دلالته، لاسيما وقد أشار إلى ابتناء القول بتأثير تعليل النص على دلالته على القول بتخصيص العام


(١) انظر: أبو الحسين البصري، المعتمد، ج ٢، ص ٢٧٥. والرازي، المحصول، ج ١، ص ٤٣٦، والزركشي، البحر المحيط، ج ٣، ص ٣٦٩ - ٣٧٤ وابن الهمام، التحرير، ج ١، ص ٣٢١.

<<  <   >  >>