للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقياس الإسنوي، رحمه اللَّه، حيث رجح جواز أن تعود العلة على أصلها بالتخصيص قياسًا على جواز تخصيص اللفظ العام بها (١).

وأشار إلى ذلك أيضًا الصفي الهندي رحمه اللَّه، وذلك حينما انتقد اشتراط الأصوليين لصحة العلة المستنبطة من أصل ما أن لا تعود على أصلها الذي استنبطت منه بالإبطال فقال: «هذا الشرط صحيح إن عني بذلك إبطاله [أي الأصل] بالكلية، فأما إذا لزم فيه تخصيص الحكم ببعض الأفراد دون البعض فينبغي أن يجوز لأنه كتخصيص العلة لحكم نص آخر [وهذا هو التخصيص بالقياس] وهو جائز فكذا هذا» (٢).

إلا أن بعض الأصوليين قد اعترض على التسوية بين تخصيص النص بما يستنبط منه من علة وبين تخصيص النص بعلة مستنبطة من نص آخر، بأن الحالة الأولى تتضمن عود الفرع على أصله بالإبطال - وهذا لا يصح - بخلاف الحالة الثانية لأن العلة لا تخصص أصلها وإنما تخصص نصًا آخر. قال أبو إسحاق الشيرازي: «القياس الجلي يجوز التخصيص به قطعًا، وأما الخفي فإن كان مستنبطًا من الأصل لم يجز تخصيصه به قطعًا لأنه يعترض الفرع على أصله وهو لا يصح، وإن كان غير مستنبط من الأصل جاز» (٣).

وهذا الاعتراض صحيح إذا سُلّم بأن عود العلة على أصلها بالتخصيص إنما هو إبطال له، ولكنَّ هذا ليس بمسلم كما سيأتي بيانه في المطلب التالي.

الدليل الثالث: وهو دليل لغوي وذلك «أنّ [والكلام للشاطبي] كلام العرب على الإطلاق لابد فيه من اعتبار معنى المساق في دلالة الصيغ وإلا


(١) انظر: العطار، حاشية العطار على جمع الجوامع، ج ٢، ص ٢٩١ وليس هو في شرح الإسنوي على المنهاج.
(٢) نقله عنه الزركشي، البحر المحيط، ج ٥، ص ١٥٣.
(٣) نقله عنه الزركشي، البحر المحيط، ج ٣، ص ٣٤٧، مع حذف ما لا حاجة إليه ولم أجده بنصه في شرح اللمع.

<<  <   >  >>