للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الأولى: دفع القيم في الزكوات

ورد النص بإيجاب شاة من الغنم إذا بلغت الغنم أربعين أو الإبل خمسًا كزكاة فقال -صلى الله عليه وسلم-: "في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة" (١)، وقال: "ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاة" (٢).

فالتزم جمهور الفقهاء - مالك (٣) والشافعي (٤) وأحمد (٥) - ظاهر النص بأن أوجبوا إخراج عين الشاة.

أما أبو حنيفة فقد اجتهد في مورد هذا النص بالتعليل حيث رأى - رحمه اللَّه - أن العلة في إعطاء الزكاة للفقير هي سد حاجته وعليه أجاز كلًّا من إخراج عين الشاة أو إخراج ما يساوي قيمتها؛ وذلك لأن سدّ الحاجة حاصل بالطريقين ولربما كان قضاء الحاجة بطريق إخراج القيم أتم (٦).

وقد انتقد أصوليو الشافعية وغيرهم اجتهاد أبي حنيفة هذا مدّعين بأنه اجتهاد تضمّن استنباط علة من النص عادت على هذا النص بالإبطال، وهذا لا يجوز لأنه من باب إبطال الفرع لأصله (٧) وهو باطل كما سبق بيانه.


(١) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٤٥٤).
(٢) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٤٥٤).
(٣) انظر: الحطاب، مواهب الجليل، ج ١، ص ٢٥٨.
(٤) انظر: النووي، المجموع، ج ٥، ص ٤٠١.
(٥) انظر: ابن قدامة، المغني، ج ٣، ص ٤٨.
(٦) انظر: ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج ٢، ص ١٩١، ١٩٢.
(٧) انظر: الغزالي، المنخول، ص ٢٠١ وابن الحاجب، منتهى الوصول، ص ١٧٦ والزركشي، البحر المحيط، ج ٥، ١٥٢.

<<  <   >  >>