للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجماع أو الجس باليد ناقض للوضوء، والمظنون فيه هو دلالته على أحد هذين المعنيين بالتحديد.

وقول القائل جاء الأولاد يدل دلالة ظنية على عموم الأولاد المعهودين لكنه كذلك يدل، وفي الوقت نفسه، دلالة قطعية على مجيئ أقل الجمع - وهو اثنان أو ثلاثة - من الأولاد، وإلا كان قوله - إذا لم يقصد مجيء أحد - كذبًا وزورًا، ومن هنا قال الأصوليون: إن دلالة العام على أقل الجمع دلالة قطعية (١)، وكذلك قالوا: إن العام إذا ورد على سبب فإن صورة السبب مرادة به قطعًا فلا يصح إخراجها بالتخصيص (٢)، مع أن العام من حيث الأصل يقبل التخصيص.

وبعد هذا كله يمكن الخلوص إلى هاتين النتيجتين:

الأولى: أن النص إذا دل على الحكم قطعًا فإنه في الوقت نفسه يدل على كثير من جوانب الحكم ومتعلقاته ظنًا.

والثانية: أن النص إذا دل على الحكم ظنًا فإنه في الوقت نفسه يدل قطعًا على حصر هذا الظن بمجال معيّن لا يصح تجاوزه.

وهاتان النتيجتان تخلصان بدورهما إلى نتيجة واحدة هي أن كل نص تشريعي - إلا النادر الذي لا يكاد يوجد - لا بد له من مقتضيين:

الأول: مقتضى قطعي: وهو ما دل عليه النص قطعًا.

والثاني: مقتضى ظني: وهو ما دلّ عليه النص ظنًا.


(١) انظر: الزركشي، البحر المحيط، ج ٣، ص ١٣٩، والشيرازي، شرح اللمع، ج ١، ص ٣٤٢.
(٢) انظر: إمام الحرمين، البرهان، ج ١، ص ٢٥٦، وأبو إسحاق الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، مع تخريج أحاديثه للغماري ط ١، عالم الكتب، بيروت، ١٤٠٥ هـ، ص ١٢٢، وسيشار له الشيرازي، اللمع.

<<  <   >  >>