للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا إذا كان للنص معنى ظاهر، وآخر مؤول، وأما إذا لم يكن له ذلك بأن كان نَصًّا مجملًا فالأصل إذ ذاك التوقف عن إحالة مراد الشارع على أيّ من معانيه حتى يتسنى الوقوف على «قرينة» ترجح أحد هذه المعاني (١).

فالقرينة على هذا، وبالنظر إلى ما سبق، شيء مشترك بين إرادة حمل اللفظ على المعنى المؤول إذا كان اللفظ محتملًا للتأويل وبين حمل اللفظ على أحد معانيه إذا كان مجملًا.

إلا أنه ثمّة فرق وهو: أن القرينة المحتاج إليها في دعم احتمال التأويل ينبغي أن تكون على قدر من القوة بحيث تفوق قوة المعنى الظاهر المقابل للمعنى المؤول، ومن هنا يشترط الأصوليون لصحة التأويل: «أن يكون الدليل الصّارف للفظ عن مدلوله الظاهر راجحًا على ظهور اللفظ في مدلوله ليتحقق صرفه عنه إلى غيره» (٢).

أما القرينة المحتاج إليها في رفع الإجمال عن اللفظ بترجيح أحد معانيه فلا يشترط فيها أن تكون قوية كالقرينة الداعمة للتأويل، وذلك لأن التساوي بين معاني اللفظ المجمل في القوة يجعل أحدها يترجح على غيره بأدنى دليل على خلاف الحال في الظاهر والمؤول.

ومما تنبغي الإشارة إليه هاهنا هو: أن علة النص يُسلك بها مسلك القرينة: إما الداعمة للتأويل وإما الرافعة للإجمال - إذا كان اللفظ مشتركًا - كما سيرد بيانه في المبحث القادم إن شاء الله.


(١) انظر: الغزالي، ج ١، ص ٣٣٦، والدريني، المناهج الأصولية، ص ١٠٣، ١٠٤.
(٢) الآمدي، الإحكام، ج ٣، ص ٧٥.

<<  <   >  >>