للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال مشايخ العراق: هذا ليس بشرط، والحكم في النص لا يثبت بالعلة بل بعين النص، ولكن الوصف في الأصل جُعل علمًا على كونه علة للحكم في الفرع» (١)، وأفاض بعد ذلك في الاستدلال لقوله والرد على أقوال المخالفين (٢).

وبعد ذلك، وفي القرن الثامن الهجري، ظهر شرح عبد العزيز البخاري، المتوفى سنة ٧٣٠ هـ‍، على أصول البزدوي فتعرض للمسألة ونصر قول مشايخ العراق بأن الحكم في المحل يثبت بالنص لا بالعلة (٣).

أما صدر الشريعة، المتوفى سنة ٧٤٧ هـ‍، فقد ذكر في «متن التنقيح» أن الحكم في الأصل ثابت بالنص لكنه - على خلاف عادته في مثل هذه المواضع - لم يتعرض لتفصيل القول في ذلك في شرحه المسمى بالتوضيح (٤).

وفي القرن التاسع الهجري ظهر الإمام المحقق الكمال بن الهمام، المتوفى سنة ٨٦١ هـ‍، ليكون - واللَّه أعلم - أول من تنبه من الحنفية لحقيقة الخلاف في هذه المسألة وذلك أنه عائد إلى اللفظ لا إلى المعنى فقال: «والخلاف في كونه [أي حكم الأصل] ثابتًا بالعلة عند الشافعية وبالنص عند الحنفية لفظي، فمراد الشافعية [بثبوت الحكم بالعلة] أنها الباعثة عليه ومراد الحنفية [بثبوت الحكم بالنص] أنه المعرف [له]» (٥).


(١) السمرقندي، الميزان، ص ٦٣٦.
(٢) المرجع السابق، ص ٦٣٦ - ٦٤٠.
(٣) انظر: عبد العزيز البخاري، كشف الأسرار، ج ٣، ص ٣١٦.
(٤) صدر الشريعة، عبيد اللَّه بن مسعود، شرح التوضيح على التنقيح، دار الكتب العلمية، بيروت، ج ٢، ص ٦٦.
(٥) ابن الهمام، التحرير، ج ٣، ص ٢٩٥.

<<  <   >  >>