للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه: «قال السهيلي (١) وغيره: في هذا الحديث من الفقه أنه لا يعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية ولا على من استنبط من النص معنى يخصصه» (٢).

وقال ابن القيم رحمه اللَّه: «وقد اجتهد الصحابة في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- في كثير من الأحكام ولم يعنفهم، كما أمرهم يوم الأحزاب أن يصلوا العصر في بني قريظة، فاجتهد بعضهم وصلاها في الطريق، وقال لم يرد منا التأخير، وإنما أراد سرعة النهوض، فنظروا إلى المعنى، واجتهد آخرون وأخروها إلى بني قريظة فصلوها ليلًا، نظروا إلى اللفظ، وهؤلاء سلف أهل الظاهر، وهؤلاء سلف أصحاب المعاني والقياس» (٣).

حاصل اجتهاد الصحابة الذي صلوا في الطريق أنه تخصيص لعموم النص بالعلة، وذلك أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" نهي يعم جميع المخاطبين به في جميع الأحوال، سواء خِيف فوات وقت الصلاة أم لا، ولكن بعد أن وقف الصحابة على علة هذا النهي خصصوا بها هذا العموم فأخرجوا منه حالة ما إذا خشي فوات الوقت، فكأن النهي بعد فهم العلة صار كالتالي: لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة إلا أن يخشى فوات الوقت.


(١) السهيلي: عبد الرحمن بن عبد اللَّه الخثعمي الشافعي، عالم باللغة والسير ولد في مالقه وعمي وعمره ١٧ سنة، ونبغ فاتصل خبره بصاحب مراكش فطلبه وأقام عنده إلى أن توفي سنة ٥٨٣ هـ‍، من أشهر مصنفاته «الروض الأنف» شرح سيرة ابن هشام، انظر: الزركلي الأعلام، ج ٣، ص ٣١٣.
(٢) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج ٧، ص ٤٧٣.
(٣) ابن القيم، إعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الجيل، بيروت، ج ١، ص ٢٠٣، وسيشار إليه فيما يلي بـ ابن القيم: إعلام الموقعين.

<<  <   >  >>