للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ثم أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على هذا الاجتهاد فكان دليلًا على جواز أن يستنبط من النص معنى يخصصه كما قاله السهيلي رحمه اللَّه.

لكن بقي هاهنا إشكال، وهو أن هذا الحديث وإن كان دالًا على مشروعية اتباع العلل والمعاني وإن خالفت ظاهر اللفظ، فإنه دال في الوقت نفسه على مشروعية اتباع الظاهر وإن عارضته العلة وقد سبق بيان أن المجتهد حين نظره إلى النص ينبغي أن لا يُغفل الظن الحاصل من العلة ويقتصر على الظاهر فحسب (١) لاسيما إذا كانت العلة واضحة وجلية كما هو الشأن في هذا الحديث.

فهل في هذا الحديث دليل على جواز اتباع الظاهر بإطلاق كما يفعله الظاهرية؟

والجواب على هذا الإشكال هو أنه قد سبق أيضًا بيان أن ظاهر النص وإن كان لا يتبع بإطلاق إلا إنه يتبع في حالات وهي:

١ - إذا توافق مقتضاه مع مقتضى العلة.

٢ - إذا تعارض مقتضاه مع مقتضى العلة وكان مقتضاه أقوى من مقتضى العلة.

٣ - إذا تعارض مقتضاه مع مقتضى العلة وكان مقتضاه مساويًا لمقتضى العلة.

٤ - إذا خفيت علة النص ولم يمكن الوقوف عليها.

ويترك الظاهر بسبب التعليل في حالة واحدة فقط وهي: إذا تعارض مقتضاه مع مقتضى العلة وكان الظن الحاصل من العلة أقوى من الظن الحاصل من ظاهر اللفظ مع احتمال اللفظ للتأويل (٢).


(١) انظر: الفصل الأول، المبحث الثالث، المطلب الأول.
(٢) انظر: الموضع السابق.

<<  <   >  >>