للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام أبو عبد الله الشافعي ـ (رحمه الله) ـ: مَنِ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ.

وَلَقَدْ ضَاقَتِ الْعِبَارَةُ عن معنى أصل الاستحسان ـ/ كما في (كريم) (١) عِلْمِكُمْ ـ حَتَّى قَالُوا: أَصَحُّ عِبَارَةٍ فِيهِ أَنَّهُ مَعْنًى يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ تَعْسُرُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ. فَإِذَا كَانَ هَذَا أَصْلُهُ الَّذِي (تَرْجِعُ) (٢) / فروعه إليه، فكيف (ما) (٣) يبنى/ عليه؟ (لا بُدَّ) (٤) أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ عَنْهَا أَضْيَقَ.

وَلَقَدْ كُنْتُ أَقُولُ: (بِمِثْلِ مَا قَالَ) (٥) هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامُ فِي طَرْحِ الِاسْتِحْسَانِ، وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ، لَوْلَا أنه اعتضد وتقوى (بوجدانه) (٦) كثيراً في فتاوى الخلفاء وأعلام الصحابة (بمحضر جمهورهم) (٧) مَعَ عَدَمِ النَّكِيرِ، فَتُقَوِّي ذَلِكَ عِنْدِي غَايَةً، وَسَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَانْشَرَحَ إِلَيْهِ الصَّدْرُ، وَوَثِقَ بِهِ الْقَلْبُ، لِلْأَمْرِ بِاتِّبَاعِهِمْ، وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

فَمِنْ ذَلِكَ، الْمَرْأَةُ يَتَزَوَّجُهَا رَجُلَانِ ولا يعلم الآخر بتقدم نكاح غيره (عليه) (٨) إِلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ، (فَأَبَانَهَا عَلَيْهِ) (٩) بِذَلِكَ عُمَرُ (١٠) ومعاوية (١١)


(١) زيادة من المعيار.
(٢) في (م) و (غ) و (ر): "مرجع"، وفي المعيار: ترجح، وفي (خ): "يرجع".
(٣) في (ت): "بما".
(٤) هكذا في (م) و (غ) و (ر): "وفي المعيار"، وفي (ط) و (خ): فلا بد.
(٥) في (ت): بما قال به. وفي (غ) و (ر): "مقال".
(٦) في (ط): "لوجدانه".
(٧) في جميع النسخ: وجمهورهم، والتصحيح من المعيار و (غ) و (ر).
(٨) زيادة من المعيار و (غ) و (ر).
(٩) في المعيار و (ت) و (غ) و (ر): "فأفاتها".
(١٠) أثر عمر مذكور في المدونة (٤/ ١٦٩) من طريق ابن وهب عن معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد أنه قال: (إن عمر بن الخطاب قضى في الوليين ينكحان المرأة ولا يعلم أحدهما بصاحبه إنها للذي دخل بها، فإن لم يكن دخل بها أحدهما فهي للأول). ويحيى بن سعيد لم يسمع من عمر.
(١١) أثر معاوية أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٦/ ٢٣٣) برقم (١٠٦٣٦) قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة أن موسى بن طلحة أنكح بالشام يزيد بن معاوية .... إلخ، فظاهر السند صحيح.