للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شريح: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ فَقْدَ شَيْءٍ تَرَكْتُهُ ابْتِغَاءَ وجه الله (١).

فهذه (الأحاديث والآثار) (٢) ظَهَرَ مِنْ مَعْنَاهَا الرُّجُوعُ فِي جُمْلَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَى مَا يَقَعُ بِالْقَلْبِ/ وَيَهْجِسُ بِالنَّفْسِ وَيَعْرِضُ بِالْخَاطِرِ، وَأَنَّهُ إِذَا اطْمَأَنَّتِ النَّفْسُ/ إِلَيْهِ فَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ صَحِيحٌ، وَإِذَا تَوَقَّفَتْ أَوِ ارْتَابَتْ فَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مَحْظُورٌ، وَهُوَ عَيْنُ مَا وَقَعَ إِنْكَارُهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الِاسْتِحْسَانِ/ الَّذِي يَقَعُ بِالْقَلْبِ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ الْخَاطِرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَالِكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ أَوْ كَانَ هَذَا (التَّقْرِيرُ) (٣) مُقَيَّدًا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يُحِلْ بِهِ عَلَى مَا فِي النُّفُوسِ وَلَا عَلَى مَا يَقَعُ بِالْقُلُوبِ، مَعَ أَنَّهُ عِنْدَكُمْ عَبَثٌ وَغَيْرُ مُفِيدٍ، كَمَنْ يُحِيلُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْأُمُورِ الْوِفَاقِيَّةِ، أَوِ (الْأَفْعَالِ) (٤) الَّتِي لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَرْعِيَّةِ الْأَحْكَامِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ (لِاسْتِحْسَانِ) (٥) الْعُقُولِ وَمَيْلِ النُّفُوسِ أَثَرًا فِي شَرْعِيَّةِ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا قَدْ زَعَمَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ (٦) أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ قَالُوا بِتَصْحِيحِهَا، وَالْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ (ظَاهِرُهَا) (٧)، وَأَتَى بِالْآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ آخَرِينَ الْقَوْلَ بِتَوْهِينِهَا وَتَضْعِيفِهَا، وإحالة معانيها.


=وأصله حديث مرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أخرجه من حديث الحسن بن علي، الترمذي (٢٥١٨)، وصححه الألباني، وأخرجه النسائي (٥٧١١)، والحاكم في المستدرك (٢١٦٩)، وصححه الذهبي، وبرقم (٢١٧٠)، وبرقم (٧٠٤٦)، وقال الذهبي: "سنده قوي".
وأخرجه مرفوعاً من حديث واثلة بن الأسقع الطبراني في الكبير (٢٢ ٨١).
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٦ ١٣٦)، وهناد في الزهد (٩٣٩)، ونعيم بن حماد في زوائد الزهد لابن المبارك (٣٨).
(٢) في (م): "الأدلة"، وهو ساقط من (ط) و (خ). وفي (غ) و (ر): "أدلة".
(٣) في (ت): "بياض بمقدار كلمة".
(٤) في (غ) و (ر): "الأعمال".
(٥) في (م): "الاستحسان".
(٦) لم أجده في المطبوع من تهذيب الآثار.
(٧) في (خ): "ظاهر"، وفي (غ) و (ر): "ظاهر هذه".