للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبين فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَا تَفْعَلُ، فَمَا يسرني (أن لي) (١) بِاخْتِلَافِهِمْ حُمُر النَّعَمِ (٢).

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ القاسم (عن أبيه) (٣) أيضاً (أنه) (٤) قَالَ: لَقَدْ أَعْجَبَنِي قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَحِبُّ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلّم (لم يختلفوا) (٥)، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَوْلًا وَاحِدًا لَكَانَ النَّاسُ فِي ضِيقٍ، وَإِنَّهُمْ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ، فَلَوْ أخذ رجل بقول أحدهم كان (في سِعَةً) (٦).

وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُمْ فَتَحُوا لِلنَّاسِ بَابَ الِاجْتِهَادِ وَجَوَازَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَفْتَحُوهُ لَكَانَ الْمُجْتَهِدُونَ فِي ضِيقٍ، لِأَنَّ مَجَالَ الاجتهاد (مجالات) (٧) الظنون،/ (والظنون) (٨) لَا تَتَّفِقُ عَادَةً ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ فَيَصِيرُ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ مَعَ (تَكْلِيفِهِمْ) (٩) / بِاتِّبَاعِ مَا غَلَبَ عَلَى ظُنُونِهِمْ مُكَلَّفِينَ بِاتِّبَاعِ (خِلَافِهِ) (١٠)، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الضِّيقِ، فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَى الْأُمَّةِ بِوُجُودِ الْخِلَافِ/ الْفُرُوعِي فِيهِمْ، فَكَانَ فَتْحُ بَابِ لِلْأُمَّةِ لِلدُّخُولِ فِي هَذِهِ الرَّحْمَةِ، فَكَيْفَ لَا يَدْخُلُونَ فِي قِسْمِ (مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) فَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْفُرُوعِ كاتفاقهم فيها، والحمد لله.


(١) زيادة من (غ) و (ر): "وجامع بيان العلم".
(٢) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ٩٠١) برقم (١٦٨٨).
(٣) ساقط من جميع النسخ، والتصحيح من جامع بيان العلم، وأبو القاسم هو: محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولد في حجة الوداع وقت الإحرام، ورواية ابنه عنه مرسلة على ما ذكر الذهبي في السير (٣ ٤٨١ ـ ٤٨٢) وانظر: التاريخ الكبير (١ ١٢٤) والكامل (٣ ٣٥٢).
(٤) زيادة من (غ) و (ر): "وجامع بيان العلم".
(٥) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وجامع بيان العلم": لا يختلفون.
(٦) في (ط): "سنة"، وفي (م) و (خ): "سعة"، والتصحيح من (غ) و (ر) وجامع بيان العلم، والأثر مخرج فيه (٢ ٩٠١) برقم (١٦٨٩).
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "ومجالات".
(٨) زيادة من (غ) و (ر).
(٩) في (م): "تكليهم".
(١٠) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "خلافهم".