للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَاغِرُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ ـ قَالَ ـ: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يستشير الصغار، وكان القراء (أصحاب) (١) مُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا وَشُبَّانًا ـ قَالَ ـ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْأَصَاغِرِ مَنْ لَا قَدْرَ لَهُ وَلَا حَالَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِنَبْذِ الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ، فَأَمَّا مَنِ الْتَزَمَهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْمُوَ أَمْرُهُ، وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ.

/وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا خَرَّجَهُ ابْنُ وَهْبٍ بِسَنَدٍ مَقْطُوعٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ كَالسَّائِرِ على غير الطريق، وَالْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مَا يُفْسِدُ/ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ، فَاطْلُبُوا الْعِلْمَ طَلَبًا (لَا يَضُرُّ بترك) (٢) العبادة، واطلبوا الْعِبَادَةَ طَلَبًا (لَا يَضُرُّ بِتَرْكِ) (١) الْعِلْمِ، فَإِنَّ قَوْمًا طَلَبُوا الْعِبَادَةَ وَتَرَكُوا الْعِلْمَ حَتَّى خَرَجُوا بِأَسْيَافِهِمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لَمْ يَدُلَّهُمْ عَلَى مَا فَعَلُوا (٣).

يَعْنِي الْخَوَارِجَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ لِأَنَّهُمْ قرأوا القرآن ولم (يتفقّهوا) (٤) حَسْبَمَا أَشَارَ/ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ: "يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ" (٥).

وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ (٦) أَنَّهُ قَالَ: تفقه الرعاع فساد (الدنيا) (٧)، وتفقه السفلة فساد (الدين) (٨).


(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "والحوادث والبدع": أهل.
(٢) في جامع بيان العلم (١ ١٦٤) ـ الطبعة القديمة ـ: لا يضر وفي طبعة الزهيري (٩٠٥): "لا تضروا".
(٣) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٩٠٥).
(٤) في (م) و (خ) و (ت): "يتفهموا".
(٥) سيأتي تخريجه (ص١١٤).
(٦) هو أبو عبد الله مكحول الدمشقي: عالم أهل الشام، وهو من أوساط التابعين وأقران الزهري، واختلفوا في وفاته، فقيل: سنة ١١٢، وقيل ١١٣، وقيل ١١٤، وقيل ١١٦هـ. انظر: طبقات ابن سعد (٧ ٤٥٣) وحلية الأولياء (٥ ١٧٧)، وتهذيب التهذيب (١٠ ٢٨٩).
(٧) في جميع النسخ ما عدا (غ) و (ر)، والحوادث للطرطوشي: (الدين والدنيا)، وفي جامع بيان العلم (الدين).
(٨) في جامع بيان العلم (الدنيا). والأثر أخرجه ابن عبد البر في المصدر السابق برقم (١٠٧١).