للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقُولُ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَّا قَوْلُ إِمَامِنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فَالَّذِي قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الْحَبْسَ أَصْلًا، وَهُمْ عُلَمَاءُ/ أَعْلَامٌ (يَقْتَدِي) (١) بِهِمْ أَكْثَرُ الْأُمَّةِ، وَإِذَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْحَاجَةِ/ إِلَى هَذَا الْمُجَشِّرِ مَا بِهِ، فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَرِدَ عَنْهُ، وَلَهُ فِي السنة فسحة، وأنا أقول (فيه) (٢) بِقَوْلِ أَهَّلِ الْعِرَاقِ، وَأَتَقَلَّدُ ذَلِكَ رَأْيًا.

فَقَالَ لَهُ الْفُقَهَاءُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَتْرُكُ قَوْلَ مَالِكٍ الَّذِي أَفْتَى بِهِ أَسْلَافَنَا وَمَضَوْا عَلَيْهِ وَاعْتَقَدْنَاهُ بعدهم، وأفتينا به لا نحيد (عنه) (٣) بِوَجْهٍ، وَهُوَ رَأْيُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأْيُ الْأَئِمَّةِ آبَائِهِ؟

فَقَالَ لَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: (نَاشَدْتُكُمُ) (٤) اللَّهَ الْعَظِيمَ، أَلَمْ تَنْزِلْ/ بِأَحَدٍ مِنْكُمْ مَلَمَّةٌ بَلَغَتْ بِكُمْ أَنْ أَخَذْتُمْ فِيهَا بِغَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي خَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ، وَأَرْخَصْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فِي ذَلِكَ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِذَلِكَ، فَخُذُوا بِهِ مَأْخَذَكُمْ، وَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِ مَنْ يُوَافِقُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَكُلُّهُمْ قُدْوَةٌ، فَسَكَتُوا. فَقَالَ لِلْقَاضِي: أَنْهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فُتْيَايَ. فَكَتَبَ الْقَاضِي إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِصُورَةِ الْمَجْلِسِ، وَبَقِيَ مَعَ أَصْحَابِهِ بِمَكَانِهِمْ إِلَى أَنْ أَتَى الْجَوَابُ/ بأن يؤخذ له بفتيا محمد بن يحيى بْنِ لُبَابَةَ/ وَيُنَفَّذَ ذَلِكَ وَيُعَوَّضَ الْمَرْضَى مِنْ هذا المجشر (بأملاكه بمِنْيَة عَجَب) (٥)، وَكَانَتْ عَظِيمَةَ الْقَدْرِ جِدًّا، تَزِيدُ أَضْعَافًا عَلَى الْمِجْشَرِ.

ثُمَّ جِيءَ (بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ أمير المؤمنين) (٦) منه إلى ابن لبابة (بولايته) (٧) خُطَّةِ الْوَثَائِقِ لِيَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِعَقْدِ هَذِهِ المعاوضة، فهنئ


(١) في (غ) و (ر): "يهتدي".
(٢) زيادة من (غ) و (ر).
(٣) في (ط) و (خ): "عنهم".
(٤) في (خ): "أنشدتكم".
(٥) في (ط) و (ت): "بأملاك ثمينة عجيبة". وفي (م): "بأملاك ثمينة عجب". ومِنْية عَجَب من أرباض قرطبة وهي القرى حولها، والنسبة إليها الميني، ومنها المحدّث محمد بن عبد الله الميني. انظر: التكملة لكتاب الصلة (١/ ٢٩٦)، ونفح الطيب (١/ ٤٦٥، ٢/ ٢٥٧)، ومعجم البلدان (٥/ ٢١٨).
(٦) في (غ) و (ر): "من عند أمير المؤمنين بكتاب".
(٧) في جميع النسخ ما عدا (غ): "بولاية".