للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّخَعِيَّ عَنِ الْأَهْوَاءِ، أَيُّهَا خَيْرٌ؟ فَقَالَ: مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ من خير، وما هي إلا زينة (من) (١) الشَّيْطَانِ وَمَا الْأَمْرُ إِلَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ (٢)، يَعْنِي: مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ (٣).

وَخَرَّجَ عَنِ الثوري أن رجلاً أتى إلى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فقال (له) (٤): أَنَا عَلَى هَوَاكَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْهَوَى كُلُّهُ ضَلَالَةٌ، أَيُّ شَيْءٍ أَنَا عَلَى هواك (٥).

والثالث مِنْ أَسْبَابِ الْخِلَافِ: (التَّصْمِيمُ عَلَى اتِّبَاعِ الْعَوَائِدِ وَإِنْ فَسَدَتْ أَوْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلْحَقِّ) (٦).

وَهُوَ اتِّبَاعُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ وَالْأَشْيَاخُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَهُوَ التَّقْلِيدُ الْمَذْمُومُ، فَإِنَّ اللَّهَ ذَمَّ بذلك في كتابه، كقوله: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} (٧) ثُمَّ قَالَ: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ *} (٨) وَقَوْلُهُ: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ *أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ *} (٩) (فَنَبَّهَهُمْ) (١٠) عَلَى وَجْهِ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ فَاسْتَمْسَكُوا بِمُجَرَّدِ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ/ فَقَالُوا: {بَلْ وَجَدْنَا/ آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (١١) وهو مقتضى


(١) زيادة من (غ) و (ر).
(٢) أخرجه الآجري في الشريعة برقم (١٢٥).
(٣) بنحوه أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على بشر ـ ت السماري ـ (٢١٤)، والآجري في الشريعة برقم (١٢٥)، وأخرجه الدارمي مختصراً في سننه (١/ ٦٣) برقم (٢٢٤).
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) المصدر السابق برقم (١٢٦)، وصحح المحقق سنده، وعزاه إلى عبد الرزاق في المصنف (١١ ١٢٦)، برقم (٢٠١٠٢)، وبنحوه في اللالكائي (١ ١٣٠)، برقم (٢٢٥)، والإبانة في الكبرى برقم (٢٣٨)، والهروي في ذم الكلام (ق٥٤ أ)، وهو في المطبوعة ـ ت الأنصاري ـ برقم (٤٩٤).
(٦) في هامش (ت) ما نصّه: "قلت: وهذا أقوى الأسباب في إقامة أهل الضلال على ضلالتهم وشدة التمسك بها من الكفر فما دونه عياذاً بالله".
(٧) سورة الزخرف: الآية (٢٣).
(٨) سورة الزخرف: الآية (٢٤).
(٩) سورة الشعراء: الآيتان (٧٢، ٧٣).
(١٠) في (ت): "بياض بمقدار كلمة".
(١١) سورة الشعراء: الآية (٧٤).