للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا أَنَّ تَحْكِيمَ/ الْعَقْلِ عَلَى الدِّينِ مُطْلَقًا مُحْدَثٌ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ الله.

وقد ثبت بهذا الوجه اتِّبَاعِ الْهَوَى، وَهُوَ أَصْلُ الزَّيْغِ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} ـ (أَيْ مَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ) (١) ـ {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (٢)، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْآيَةِ؛ فَمِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يَتْرُكُوا/ الْوَاضِحَ ويتَّبعوا الْمُتَشَابِهَ، عَكْسَ مَا عَلَيْهِ الْحَقُّ فِي نَفْسِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ وَذُكِرَتِ الْخَوَارِجُ (عِنْدَهُ) (٣) وَمَا يُلْقُونَ فِي الْقُرْآنِ ـ فَقَالَ: يُؤْمِنُونَ بِمُحَكِّمِهِ، وَيَهْلِكُونَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ. وَقَرَأَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآيَةَ. خرَّجه ابْنُ وَهْبٍ (٤).

/وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذمِّه الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (٥) وَلَمْ يَأْتِ/ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ الْهَوَى إِلَّا فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ.

حَكَى ابْنُ وَهَبٍ عَنْ طاووس أَنَّهُ قَالَ: مَا ذَكَرَ اللَّهُ (هَوًى فِي الْقُرْآنِ) (٦) إِلَّا ذَمَّهُ (٧).

وَقَالَ: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} (٨)، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

/وَحَكَى أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّ رَجُلًا سأل إبراهيم


(١) ساقطة من (ر).
(٢) سورة آل عمران: الآية (٧).
(٣) زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(٤) تقدم تخريجه (٣/ ٧٦).
(٥) سورة الجاثية: الآية (٢٣).
(٦) في (غ) و (ر): "الهوى".
(٧) أخرجه اللالكائي برقم (٢٢٨). وأخرجه الهروي في ذم الكلام ـ ت الأنصاري ـ برقم (٤٧١) من قول سليمان الأحوال، بينما رواية اللالكائي رفعها سليمان الأحول إلى طاووس.
(٨) سورة القصص: الآية (٥٠).