للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشركو قُرَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ (١). وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ (٢)، وَلَكِنْ إِنْ صَحَّ فَفِيهِ دَلِيلٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُعَيِّنُ أَنَّهُمْ مِنَ الْفِرَقِ، وَكَلَامُنَا فيه.

والثاني (٣): حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزينها فِي قُلُوبِ الْعَوَامِّ/ وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ، فَإِنَّ ضَرَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَضَرَرِ إِبْلِيسَ، وهم من شياطين الإنس، فلا بد مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له (الشواهد) (٤) عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ، كَمَا اشْتُهِرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ (٥) وَغَيْرِهِ. فَرَوَى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ (٦) قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ/ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ وَنَالَ مِنْهُ، فَقُلْتُ: أَبَا الْخَطَّابِ، أَلَا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ فقال: (يا أحول) (٧) أوَ لا تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدَعَةً فَيَنْبَغِي لها أن تذكر حتى (يُحذر) (٨)؟


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٦٥٦)، وأحمد في المسند (٢ ٤٤٤ و٤٧٦)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص٤٩)، وابن ماجه (٨٣)، والترمذي (٢١٥٧)، وابن حبان (٦١٣٩)، وتفسير عبد بن حميد غير مطبوع، ولكن ذكره الشوكاني في فتح القدير (٥ ١٢٩ ـ ١٣٠) وعزاه إلى عبد بن حميد وغيره.
(٢) وهو مروي من حديث زرارة الأنصاري مرفوعاً، أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (١٨٧١٤)، والطبراني في المعجم الكبير (٥٣١٦)، وذكره ابن حجر في الإصابة (٢ ٥٦٢)، و (٥ ٢٩١)، وعزاه لابن شاهين وابن مردويه وابن منده، وذكر أن مداره على حفص بن سليمان اضطرب فيه وهو ضعيف، وبنحوه عن ابن عباس موقوفاً أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (١٨٧١٥)، واللالكائي (١١٦٢ و١٣٨٨)، وبنحوه في المعجم الكبير للطبراني (١١١٦٣).
(٣) أي: الثاني من أوجه جواز تعيين الفرقة بأعيانها. انظر ما سبق (ص١٥٩).
(٤) في (ط) و (خ) و (ت): "الشهود".
(٥) تقدمت ترجمته.
(٦) هو عاصم بن سليمان البصري، أبو عبد الرحمن، إمام حافظ محدث البصرة، وثقه الإمام أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبو زرعة، وغيرهم، توفي سنة ١٤٢، وقيل ١٤٣هـ. انظر: السير (٦ ١٣).
(٧) في (م): "ما خول". وفي (خ): "ما حول". وفي أصل (ط): "ما أحول" في (ت): "بياض بمقدار كلمة. والتصحيح من (غ) و (ر) وتاريخ بغداد (١٢ ١٧٩).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "تحذر".