للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكُلُّ هَذَا التَّقْرِيرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَاتِ أَهْلُ (الْقِبْلَةِ) (١) مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ إِذَا اتُّبع فِي بِدْعَتِهِ لَمْ/ يُمْكِنْهُ التَّلَافِي ـ غَالِبًا ـ فِيهَا، وَلَمْ يَزَلْ أَثَرُهَا فِي الأرض (مستطيراً) (٢) إلى (يوم القيامة) (٣) قِيَامِ السَّاعَةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِسَبَبِهِ، فَهِيَ أَدْهَى مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ.

قَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إِنَّ الْعَبْدَ لَوِ ارْتَكَبَ جَمِيعَ الْكَبَائِرِ بعد أن لا يشرك بالله شيئاً (رجوت) (٤) لَهُ أَرْفَعُ الْمَنَازِلِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَنَبٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ هُوَ/ مِنْهُ عَلَى رَجَاءٍ، (وَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ لَيْسَ هُوَ مِنْهَا عَلَى رَجَاءٍ) (٥)، (إِنَّمَا) (٦) يُهوى (بِهِ) (٧) فِي نَارِ جَهَنَّمَ (٨). فَهَذَا مِنْهُ نص (في إنفاذ) (٩) الوعيد.

(والمطلب) (١٠) الثاني: أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إصلاءهم (النَّارِ) (١١)، وَإِنَّمَا (حُمِلَ) (١٢) قَوْلُهُ: (كُلُّهَا فِي النَّارِ)، أَيْ هِيَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النَّارَ، كَمَا قَالَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (١٣) / أي ذلك جزاؤه (إن جازاه) (١٤)، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَلَهُ الْعَفْوُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ/ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١٥)، فَكَمَا ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْقَاتِلَ فِي الْمَشِيئَةِ (١٦) ـ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الِاسْتِدْرَاكُ كَذَلِكَ ـ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا بمثله.


(١) في (غ) و (ر): "الغفلة".
(٢) في (ط): "مستطيل".
(٣) زيادة من (م).
(٤) في (ط) و (ت): "وجبت". وفي (ت) و (م): "رجيت".
(٥) ساقط من (غ) و (ر).
(٦) في (غ) و (ر): "إما".
(٧) في (غ) و (ر): "بها".
(٨) بنحوه في حلية الأولياء (٦ ٣٢٥).
(٩) في (غ) و (ر): "بإنفاذ".
(١٠) ما بين القوسين زيادة من (ت).
(١١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "في النار".
(١٢) في (غ) و (ر): "يحمل".
(١٣) سورة النساء: الآية (٩٣).
(١٤) ساقط من (ط).
(١٥) سورة النساء: الآية (٤٨).
(١٦) تقدم الكلام على هذه المسألة (٣/ ١٨٩).