للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{خَالِدًا فِيهَا} عِبَارَةٌ عَنْ طُولِ الْمُكْثِ فِيهَا، ثُمَّ عَطَفَ بالغضب (عليه) (١)، ثُمَّ بِلَعْنَتِهِ، ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وَالْإِعْدَادُ قَبْلَ الْبُلُوغِ إِلَى المُعد مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حُصُولِهِ لِلْمُعَدِّ لَهُ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْمَخْلُوقِ وَهُوَ الْمَقْتُولُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ/ التَّوْبَةِ من مظالم العباد تحللهم أو رد/ (التبعات) (٢) إليهم. وهذا (مما لا سبيل) (٣) (للقاتل) (٤) إِلَيْهِ إِلَّا بِأَنْ يُدْرِكَ الْمَقْتُولَ حَيًّا فَيَعْفُوَ عنه (بطيب) (٥) نفسه، (كذلك قال) (٦).

وَأَوْلَى مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ نَقُولَ: وَمِنْ شَرْطِ خُرُوجِهِ مِنْ تِبَاعَةِ الْقَتْلِ مَعَ التَّوْبَةِ (لله) (٧) استدراك ما (فوّت) (٨) على المجني عليه (إما بالتحلل منه) (٩)، وإما بِبَذْلِ الْقِيمَةِ لَهُ، وَهُوَ أَمْرٌ لَا يُمْكِنُ (بعد) (١٠) فوت المقتول. فكذلك (يُمْكِنُ) (١١) فِي صَاحِبِ الْبِدْعَةِ مِنْ جِهَةِ الْأَدِلَّةِ، فَرَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي تَجِدُ فِيهِ كَثِيرًا مِنَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ الْمُخَوِّفِ جِدًّا.

/وَانْظُرْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *} فَهَذَا وَعِيدٌ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} وَتَسْوِيدُ الْوُجُوهِ عَلَامَةُ الْخِزْيِ وَدُخُولِ (النَّارِ) (١٢)، ثُمَّ قال تعالى: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وَهُوَ تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} (١٣)، وهو تأكيد آخر.


(١) زيادة من (غ) و (ر).
(٢) في (ت) و (غ) و (ر): "التباعات".
(٣) في (م): "ما لسبيل".
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "إلى القاتل".
(٥) زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(٦) زيادة من (غ) و (ر).
(٧) زيادة من (غ) و (ر).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فات".
(٩) ما بين القوسين ساقط من (ط) و (خ).
(١٠) ساقط من (غ) و (ر).
(١١) هكذا في سائر النسخ ولعل الصواب: (لا يمكن).
(١٢) في (ط): "النار النار".
(١٣) سورة آل عمران: الآية (١٠٦).