للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الراشدين) (١) وأشباهه، (ولأنهم) (٢) (المتلقون) (٣) لكلام النبوة، (المهتدون بالشريعة) (٤)، الذين فهموا (مراد) (٥) اللَّهِ بِالتَّلَقِّي مِنْ نَبِيِّهِ مُشَافَهَةً، عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ بِمَوَاطِنِ التَّشْرِيعِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِذًا كُلُّ مَا سنُّوه فَهُوَ سُنَّةٌ مِنْ غير (نظرٍ) (٦) (فِيهِ) (٧) بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ فِيهِ لِأَهْلِ الِاجْتِهَادِ مجالاً للنظر رداً أو قبولاً، فَأَهْلُ الْبِدَعِ إِذًا غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي الْجَمَاعَةِ قطعاً على هذا القول.

والرابع: أَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَوَاجِبٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ اتِّبَاعُهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ ضَمِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ لَا يَجْمَعَهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ فَوَاجِبٌ تَعَرُّفُ الصَّوَابِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ:/ الْجَمَاعَةُ لَا تَكُونُ فِيهَا غَفْلَةٌ عَنْ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْغَفْلَةُ فِي الْفُرْقَةِ (٨).

/وَكَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ راجع إِلَى الثَّانِي وَهُوَ يَقْتَضِي أَيْضًا مَا يَقْتَضِيهِ، أَوْ يَرْجِعُ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَفِيهِ مِنَ الْمَعْنَى مَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ أنه لا بد مِنْ كَوْنِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِمْ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِدْعَةٌ أصلاً، فهم ـ إذاً ـ الفرقة الناجية.

والخامس: مَا اخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ جماعة المسلمين


(١) أخرجه أحمد (٤ ١٢٦ و١٢٧)، والدارمي (٩٥)، وأبو داود (٤٦٠٧)، وابن ماجه (٤٢ ـ ٤٤)، والترمذي (٢٦٧٦)، والحارث بن أبي أسامة ـ بغية الباحث ـ (٥٥ و٥٦)، والطبراني في الأوسط (٦٦)، وفي الكبير (١٨ ٢٤٥ برقم ٦١٧ ـ ٦٢٤ و٦٤٢)، والحاكم (٣٢٩ ـ ٣٣٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢٠١٢٥).
(٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "أو لأنهم".
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "المتقلدون".
(٤) في (غ) و (ر): "الممهدون للشريعة".
(٥) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "أمر دين".
(٦) في (ط): "نظير".
(٧) زيادة من (غ) و (ر).
(٨) انظر: "الرسالة" للشافعي (ص٤٧٥).