للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا/ اجتمعوا على (أمير) (١)، فأمر صلّى الله عليه وسلّم بِلُزُومِهِ وَنَهَى عَنْ فِرَاقِ الْأُمَّةِ فِيمَا اجْتَمَعُوا/ عليه من تقديمه عليهم لأن فراقهم (إياه) (٢) لَا يَعْدُو إِحْدَى (حَالَتَيْنِ) (٣) ـ إِمَّا (لِلنَّكِيرِ) (٤) عَلَيْهِمْ فِي طَاعَةِ أَمِيرِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِ/ فِي سِيرَتِهِ المَرْضِيَّة لِغَيْرِ مُوجِبٍ، بَلْ (بِالتَّأْوِيلِ) (٥) فِي إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ فِي الدِّينِ، كَالْحَرُورِيَّةِ الَّتِي أُمِرَتِ الْأُمَّةُ بِقِتَالِهَا وَسَمَّاهَا (النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (٦): مَارِقَةً مِنَ الدِّينِ، وَإِمَّا (لِطَلَبِ) (٧) إِمَارَةٍ مِنِ بعد انْعِقَادِ الْبَيْعَةِ لِأَمِيرِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُ نَكْثُ عَهْدٍ ونقض (عقد) (٨) بَعْدَ وُجُوبِهِ.

وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَاءَ إِلَى أُمَّتِي لِيُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ" (٩)، قَالَ الطَّبَرِيُّ فَهَذَا مَعْنَى الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ: وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الَّتِي إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى الرِّضَى بِتَقْدِيمِ أَمِيرٍ كَانَ الْمُفَارِقُ لَهَا (مَيِّتًا مِيتَةً) (١٠) جَاهِلِيَّةً، فَهِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي وَصَفَهَا أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه (وغيره) (١١)، (وَهُمْ) (١٢) مُعْظَمُ النَّاسِ وَكَافَّتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ.

قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه، فروى عن عمرو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ (١٣) قَالَ: قَالَ: عُمَرُ ـ حِينَ طُعِنَ ـ لِصُهَيْبٍ صلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا وَلْيَدْخُلْ عليَّ عثمانُ وعليٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ،


(١) في (م): "أمر".
(٢) زيادة من (غ) و (ر).
(٣) في (غ) و (ر): "خلتين".
(٤) في (م): "النكير".
(٥) في (غ) و (ر): "لتأويل".
(٦) ما بين القوسين ساقط من (ت) و (غ) و (ر).
(٧) في (م): "الطلب".
(٨) في (ط) و (م) و (خ): "عهد".
(٩) تقدم تخريجه (٣/ ٢٠٩).
(١٠) في (غ) و (ر): "ميتته".
(١١) زيادة من (غ) و (ر).
(١٢) في (غ) و (ر): "وهو".
(١٣) هو أبو عبد الله عمرو بن ميمون الأودي الكوفي، الإمام الحجة، أدرك الجاهلية، وأسلم في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقدم الشام مع معاذ بن جبل، وتفقه عليه، توفي سنة ٧٤، وقيل ٧٥، وقيل ٧٦هـ. انظر: طبقات ابن سعد (٦ ١١٧)، والسير (٤ ١٥٨).