للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: بِدْعَةُ الْتِزَامِ الدُّعَاءِ بِإِثْرِ الصَّلَوَاتِ دَائِمًا عَلَى الهيئة الاجتماعية، فإنها بلغت (ببعض أصحابها) (١) إِلَى أَنْ كَانَ (التَّرْكُ) (٢) لَهَا مُوجِبًا لِلْقَتْلِ عِنْدَهُ؛ فَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ خَلِيلٍ حِكَايَةً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجَاهِدٍ الْعَابِدِ (٣): أَنَّ رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ الدَّوْلَةِ/ وَأَهْلِ الوجاهة فيها ـ وكان موصوفاً بشدة السطوة وَبَسْطِ الْيَدِ ـ نَزَلَ فِي جِوَارِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وصلى (خلفه) (٤) فِي مَسْجِدِهِ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ فِيهِ، وَكَانَ لَا يَدْعُو فِي أُخْرَيَاتِ الصَّلَوَاتِ تَصْمِيمًا فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ ـ يَعْنِي مَذْهَبَ مَالِكٍ ـ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي مَذْهَبِهِ/ وَكَانَ ابْنُ مُجَاهِدٍ مُحَافِظًا عَلَيْهِ، فَكَرِهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْهُ تَرْكَ/ الدُّعَاءِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ فَأَبَى، وَبَقِيَ عَلَى عَادَتِهِ فِي تَرْكِهِ فِي أَعْقَابِ الصَّلَوَاتِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي صَلَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ الْعَتَمَةَ فِي الْمَسْجِدِ، (فَلَمَّا انْقَضَتْ) (٥) وَخَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى دَارِهِ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ: قَدْ قُلْنَا لِهَذَا الرَّجُلِ يَدْعُو (إِثْرَ) (٦) الصَّلَوَاتِ فَأَبَى، فَإِذَا كَانَ فِي غَدْوَةِ غَدٍ (لم يفعل) (٧) أضرب رقبته بهذا السيف وأشار إلى سيف فِي يَدِهِ فَخَافُوا عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا عَلِمُوا مِنْهُ، فَرَجَعَتِ الْجَمَاعَةُ بِجُمْلَتِهَا إِلَى دَارِ ابْنِ مُجَاهِدٍ.

فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: ما شأنكم؟ / فقالوا: والله لقد خفنا (عليك) (٨) مِنْ هَذَا الرَّجُلِ / وَقَدِ اشْتَدَّ الْآنَ غَضَبُهُ عَلَيْكَ فِي تَرْكِكَ الدُّعَاءَ. فَقَالَ لَهُمْ: لَا أَخْرُجُ عَنْ عَادَتِي، فَأَخْبَرُوهُ بِالْقِصَّةِ. فَقَالَ لَهُمْ ـ وهو متبسم ـ: انْصَرِفُوا وَلَا تَخَافُوا فَهُوَ الَّذِي (تُضْرَبُ) (٩) رَقَبَتُهُ (في) (١٠) غدوة غد بذلك السيف


(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "بأصحابها".
(٢) في (م): "القتل".
(٣) تقدمت ترجمته (٢ ٢٧٠).
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) ساقط من (غ) و (ر).
(٦) ما بين القوسين ساقط من (م). وفي (غ) و (ر): "بعد".
(٧) ما بين القوسين زيادة من (ت).
(٨) زيادة من (غ) و (ر).
(٩) في (ط) و (خ) و (ت): "ضربت". وفي (م): "ضرب".
(١٠) ساقط من (غ) و (ر).