للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِشْكَالَهُ فَقَلَّمَا يَسْلَمُ مِنْ غَائِلَتِهِ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَقَعَ مَعَهُ فِي مَذْهَبِهِ وَيَصِيرَ مِنْ شيعته، وإما أن (ينبت) (١) فِي قَلْبِهِ شَكًّا يَطْمَعُ فِي الِانْفِصَالِ عَنْهُ فلا يقدر (عليه) (٢).

وهذا بخلاف سائر المعاصي، فإن صاحبها (لا يضر من صاحبه) (٣) وَلَا يُدْخِلُهُ فِيهَا غَالِبًا إِلَّا مَعَ طُولِ الصُّحْبَةِ وَالْأُنْسِ بِهِ، وَالِاعْتِيَادِ لِحُضُورِ مَعْصِيَتِهِ، وَقَدْ أَتَى/ فِي الْآثَارِ مَا يَدُلُّ/ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. فَإِنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ نَهَوْا عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ ومكالمتهم (وسماع) (٤) (كلامهم) (٥) وَأَغْلَظُوا فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي آثَارٌ (جَمَّةٌ) (٦).

وَمِنْ ذَلِكَ مَا روي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْرِمَ دِينَهُ فَلْيَعْتَزِلْ مُخَالَطَةَ (السلطان) (٧) وَمُجَالَسَةَ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ، فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ أَلْصَقُ مِنَ الْجَرَبِ (٨).

وَعَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (٩) (قَالَ) (١٠): (قَدِمَ) (١١) غَيْلَانُ (١٢) مَكَّةَ/ (يُجَاوِرُ) (١٣) بِهَا، فَأَتَى غَيْلَانُ مُجَاهِدًا فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَجَّاجِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنْهَى النَّاسَ عني، وتذكرني (لشيء بلغك عني) (١٤) لا أقوله، (إنما أقول


(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يثبت".
(٢) زيادة من (ط).
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يضاره".
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وكلام".
(٥) في (ط) و (خ) و (ت): "مكالمهم".
(٦) في (غ) و (ر): "جملة".
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الشيطان".
(٨) أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (١٣٧) وبنحوه في سنن الدارمي (٣٠١).
(٩) هو حميد بن عطاء الكوفي، ضعفه الإمام أحمد وابن معين، وقد روى عنه خلف بن خليفة، وعيسى بن يونس. انظر: الجرح والتعديل (٣ ٢٢٦).
(١٠) في (ط) و (خ): "نهى". وفي (م): "تنهى". وفي (ت): بياض بمقدار كلمة والتصحيح من (غ) و (ر) والبدع لابن وضاح القرطبي.
(١١) في (م): "قدوم".
(١٢) هو غيلان القدري، تقدمت ترجمته ١ ١٠٢.
(١٣) في البدع لابن وضاح: فجاور.
(١٤) في (ط) و (م) و (خ) و (غ) و (ر): "بلغك عني شيء".