للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَضَعَ الِاسْمَ عَلَى غَيْرِ (مَوْضِعِهِ) (١) أَوْ عَلَى بَعْضِ (مَوَاضِعِهِ) (٢) أَوْ يُرَاعِيَ فِيهِ مُجَرَّدَ اللَّفْظِ دُونَ اعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّأْوِيلِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّ تَحْلِيلَ الشَّيْءِ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا فحرَّمه بِغَيْرِ تَأْوِيلِ، أَوِ التَّحْرِيمَ/ مَشْهُورًا فحلَّله بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، كَانَ كُفْرًا وَعِنَادًا، وَمِثْلُ هَذَا لَا/ تَتَّخِذُهُ الْأُمَّةُ رَأْسًا قَطُّ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُمَّةُ قَدْ كَفَرَتْ، وَالْأُمَّةُ لَا تَكْفُرُ أَبَدًا. وَإِذَا بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا تَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ حَرَامٍ أَوْ حَلَالٍ. وَإِذَا كَانَ التَّحْلِيلُ أَوِ التَّحْرِيمُ غَيْرَ مَشْهُورٍ فَخَالَفَهُ/ مُخَالِفٌ لَمْ يَبْلُغْهُ دَلِيلُهُ، فَمِثْلُ هَذَا/ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا مِنْ لَدُنْ زَمَانِ أَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، (ثم هَذَا) (٣) إِنَّمَا يَكُونُ فِي آحَادِ الْمَسَائِلِ، فَلَا تَضِلُّ الْأُمَّةُ وَلَا يَنْهَدِمُ الْإِسْلَامُ وَلَا يُقَالُ (لمثل هذا) (٤) إِنَّهُ مُحْدَثٌ عِنْدَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ.

فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ اسْتِحْلَالُ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ أَوِ الْمَعْلُومَةِ عِنْدَهُ بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ، وَهَذَا بيِّن) (٥) فِي المبتدعة الذين تركوا معظم الكتاب والذي تظافرت عَلَيْهِ أَدِلَّتُهُ، وَتَوَاطَأَتْ عَلَى مَعْنَاهُ شَوَاهِدُهُ، وَأَخَذُوا فِي اتِّبَاعِ بَعْضِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَتَرْكِ أُمِّ الْكِتَابِ.

(فإن) (٦) هَذَا ـ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ـ زَيْغٌ وَمَيْلٌ عن الصراط المستقيم، فإن تقدموا أئمةَ (٧) يفتون ويقتدى (بأقوالهم وأفعالهم) (٨) سَكَنَتْ إِلَيْهِمُ الدَّهْمَاءُ ظَنًّا أَنَّهُمْ بَالَغُوا لَهُمْ في الاحتياط على الدين، وهم يضلونهم بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَلَا شَيْءَ (أَعْظَمُ) (٩) عَلَى (الْإِنْسَانِ) (١٠) مِنْ دَاهِيَةٍ تَقَعُ بِهِ مِنْ حَيْثُ لَا


(١) في ط: مواضعه.
(٢) في (غ) و (ر): موضعه.
(٣) في (ت): وهذا.
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): لهذا.
(٥) هنا ينتهي نقل الشاطبي من ابن تيمية.
(٦) في (م) و (خ) و (ت): "فإذا". وفي (ر): "فإنما".
(٧) (أئمة) حال منصوب، أي تقدموا حال كونهم أئمة، حيث جعلوا أنفسهم أئمة (نبه على ذلك رشيد رضا).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): بهم بأقوالهم وأعمالهم.
(٩) ما بين القوسين ساقط من (م). وفي (غ) و (ر): أعز.
(١٠) في (غ) و (ر): الناس.