للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا ثَبَتَ/ هَذَا فَعَلَى النَّاظِرِ فِي الشَّرِيعَةِ وَالْمُتَكَلِّمِ فِيهَا أُصُولًا وَفُرُوعًا أَمْرَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ عَرَبِيًّا، أَوْ كَالْعَرَبِيِّ فِي كَوْنِهِ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ، بَالِغًا فِيهِ مَبَالِغَ الْعَرَبِ، أَوْ مَبَالِغَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ وَدَانَاهُمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا كَحِفْظِهِمْ وَجَامِعًا كَجَمْعِهِمْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَصِيرَ فَهْمُهُ عَرَبِيًّا فِي الْجُمْلَةِ/ وَبِذَلِكَ امْتَازَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ، إِذْ بِهَذَا الْمَعْنَى أَخَذُوا أَنْفُسَهُمْ حَتَّى صَارُوا أَئِمَّةً، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَحَسْبُهُ فِي فَهْمِ مَعَانِي الْقُرْآنِ التَّقْلِيدُ، (وَلَا يَحْسُنُ) (١) ظَنُّهُ بِفَهْمِهِ دُونَ أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ أَهْلَ الْعِلْمِ/ بِهِ.

قال الشافعي رحمه الله (٢) لَمَّا قَرَّرَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ: ... (فَمَنْ) (٣) جَهِلَ/ هَذَا مِنْ لِسَانِهَا ـ يَعْنِي لِسَانَ الْعَرَبِ ـ وَبِلِسَانِهَا نَزَلَ (الْقُرْآنُ) (٤) وَجَاءَتِ (السُّنَّةُ بِهِ) (٥) فَتَكَلَّفَ الْقَوْلَ في علمها تكلف ما يجهل (بعضه) (٦)، ومن تكلف ما جهل وما لم (تثبته معرفته) (٧) كَانَتْ مُوَافَقَتُهُ لِلصَّوَابِ ـ إِنْ وَافَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يعرفه ـ غير محمودة، وكان (بخطئه) (٨) غير معذور، (إذا نطق) (٩) فِيمَا لَا يُحِيطُ عِلْمُهُ بِالْفَرْقِ (بَيْنَ) (١٠) الصَّوَابِ وَالْخَطَإِ فِيهِ.

وَمَا قَالَهُ حَقٌّ، فَإِنَّ الْقَوْلَ في القرآن أو السنة بغير علم تكلف ـ وقد


(١) في (م): "ويحسن" وفي (غ) و (ر): "وأن لا يحسن".
(٢) انظر: الرسالة (ص٥٣).
(٣) هكذا في جميع النسخ: وفي المطبوع من الرسالة: "ممن".
(٤) في (غ) و (ر): "الكتاب".
(٥) هكذا في جميع النسخ وفي الرسالة: "السنة".
(٦) في (ط) و (خ): لفظه.
(٧) في (ط) و (م) و (خ) و (غ) و (ر): يثبته معرفة.
(٨) في (ط) و (خ) و (ت): "في تخطئته". وفي (م): "في تخطيه".
(٩) في (ط) و (م) و (خ): "إذا نظر". وفي (ت) والرسالة: "إذا ما نطق".
(١٠) في (م): "من".