للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآيَةُ مَعْنَاهَا يَا حَسْرَتَا عَلَى (مَا فَرَّطْتُ) (١) فيما بيني وبين الله، إذا أضفت تفريطي إلى أمره (لي) (٢) وَنَهْيِهِ إِيَّايَ.

/وَالسَّادِسُ: قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ" (٣) إِنَّ هَذَا/ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ هُوَ مَذْهَبُ الدَّهْرِيَّةِ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْمَعْنَى: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ (إِذَا أَصَابَتْكُمُ الْمَصَائِبَ، وَلَا تَنْسُبُوهَا إِلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَصَابَكُمْ بِذَلِكَ لَا الدَّهْرُ) (٤)، فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمُ الدَّهْرَ وَقَعَ السَّبُّ عَلَى الفاعل (في الحقيقة) (٥) لَا عَلَى الدَّهْرِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ (كَانَ) (٦) مِنْ عَادَتِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ تَنْسُبَ الْأَفْعَالَ إِلَى الدَّهْرِ فَتَقُولُ: أَصَابَهُ الدَّهْرُ فِي مَالِهِ، وَنَابَتْهُ قوارع الدهر ومصائبه. فينسبون (كُلِّ) (٧) شَيْءٍ تَجْرِي بِهِ أَقْدَارُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ إِلَى الدَّهْرِ، فَيَقُولُونَ: لَعَنَ اللَّهُ الدَّهْرَ، (ومحق) (٨) اللَّهُ الدَّهْرَ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَسُبُّونَهُ لِأَجْلِ (الْفِعَالِ الْمَنْسُوبَةِ) (٩) إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَبُّوا الْفَاعِلَ، و (إنما) (١٠) الفاعل هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ، فَكَأَنَّهُمْ يَسُبُّونَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذِهِ الْأَمْثِلَةِ كَيْفَ يَقَعُ الْخَطَأُ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِي كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وسنة نبيه (محمد) (١١) صلّى الله عليه وسلّم، وأن ذلك (قد) (١٢) يُؤَدِّي إِلَى تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ،/ وَالصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بُرَآءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ


(١) في (ط) و (خ): ما فرطت في جنب الله أي.
(٢) زيادة من (ت) و (غ) و (ر).
(٣) أخرجه البخاري (٤٨٢٦ و٦١٨١ و٦١٨٢ و٧٤٩١)، وفي الأدب المفرد (٧٦٩)، ومسلم (٢٢٤٦)، والحميدي في مسنده (١٠٩٦)، وأحمد (٢ ٢٣٨ و٢٧٢ و٢٧٥)، وأبو داود (٥٢٧٤)، والنسائي في السنن الكبرى (١١٤٨٦ و١١٤٨٧)، وابن حبان (٥٧١٥)، والحاكم (٣٦٩٠ و٣٦٩٢)، ومسند الشهاب (٩٢٠ و٩٢١)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦٢٨٥ و٦٢٨٦).
(٤) ما بين () ساقط من (غ) و (ر).
(٥) زيادة من (ت).
(٦) ساقط من (غ) و (ر).
(٧) في (ط) و (خ) و (ت): "إلى كل".
(٨) في (ط) و (م) و (خ): ومحا وفي (غ) و (ر): "ولحى".
(٩) في (غ) و (ر): "الفعل المنسوب".
(١٠) زيادة من (غ) و (ر).
(١١) ما بين القوسين ساقط من (م) و (غ) و (ر).
(١٢) زيادة من (غ) و (ر).