للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْهَوْنَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الدِّينِ إِلَّا فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ (١).

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا تحته عمل هو المباح عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَهْلِ بَلَدِهِ ـ يَعْنِي الْعُلَمَاءَ مِنْهُمْ ـ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الدِّينِ نَحْوَ الْقَوْلِ في صفات الله وأسمائه، وضرب مثلاً (فقال) (٢) نَحْوَ رَأْيِ جَهْمٍ وَالْقَدَرِ، قَالَ: وَالَّذِي قَالَهُ مالك عليه جماعة الفقهاء (والعلماء) (٣) قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى، وَإِنَّمَا خالف في ذلك أهل البدع، (قال) (٤): وَأَمَّا/ الْجَمَاعَةُ فَعَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ أَحَدٌ إِلَى الْكَلَامِ، فلا يسعه السكوت إذا طمع في رد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه، (أو خشي ضلال) (٥) عَامَّةً، أَوْ نَحْوَ هَذَا (٦).

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ (عَبْدِ الْأَعْلَى) (٧): سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَوْمَ نَاظَرَهُ/ حَفْصٌ الْفَرْدُ (٨) قَالَ لِي: يَا أَبَا مُوسَى، لِأَنْ يَلْقَى اللَّهَ الْعَبْدُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ، لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ حَفْصٍ كَلَامًا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَحْكِيَهُ (٩).

/وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ الْكَلَامِ أَبَدًا، وَلَا تَكَادُ ترى أحداً نظر في (الكلام) (١٠) إلا وفي قلبه دغل (١١).


(١) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (١٧٨٦)، واللالكائي (٣٠٩)
(٢) زيادة من (غ) و (ر).
(٣) زيادة من (غ) و (ر).
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) في (ط): "وخشي ضلالة".
(٦) انظر كلامه في: جامع بيان العلم (٢/ ٩٣٨).
(٧) في (م) و (ت): عبد الله. وهو يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة أبو موسى المصري، ولد سنة ١٧٠هـ، وكان من كبار العلماء في زمانه، وثقه النسائي وابن أبي حاتم، توفي ٢٦٤هـ. انظر: الجرح والتعديل (٩ ٢٤٣)، والسير (١٢ ٣٤٨).
(٨) قال ابن حجر: حفص الفرد، مبتدع، قال النسائي: صاحب كلام، لا يكتب حديثه، وكفره الشافعي في مناظرته. انظر: لسان الميزان (١ ٣٣٠ ـ ٣٣١).
(٩) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (١٧٨٨).
(١٠) في (م) وأصل (ط) و (خ) و (ت): "المسائل".
(١١) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (١٧٩٦).