للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (١)، وقوله تعالى: {يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (٢)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (٣)، {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} (٤)، {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ *فَعَّالٌ/ لِمَا يُرِيدُ} (٥).

(فالحاصل) (٦) من هذه القضية أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَقْلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يدي الشرع، فإنه من (التقديم) (٧) بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ يَكُونُ مُلَبِّيًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ.

ثُمَّ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا هو (مذهب الصحابة) (٨) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِ دَأَبُوا، وَإِيَّاهُ اتَّخَذُوا طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ فَوَصَلُوا، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سَيْرِهِمْ أَشْيَاءُ:

مِنْهَا: أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ أَقَرُّوا وَأَذْعَنُوا لِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ صَلَّى الله عليه وسلّم، ولم يصادموه (بمعقول) (٩) وَلَا عَارَضُوهُ بِإِشْكَالٍ، وَلَوْ/ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَنُقِلَ إِلَيْنَا كَمَا نُقِلَ إِلَيْنَا سَائِرُ سِيَرِهِمْ وَمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَضَايَا وَالْمُنَاظَرَاتِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ/ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ آمَنُوا (به) (١٠) (وأمرّوه) (١١)، كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا نَظَرٍ.

كان مالك بن أنس رحمه الله يَقُولُ: الْكَلَامُ فِي الدِّينِ أَكْرَهُهُ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ بَلَدِنَا يَكْرَهُونَهُ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، نَحْوَ الْكَلَامِ فِي رَأْيٍ جَهْمٍ وَالْقَدَرِ، وَكُلِّ مَا/ أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا أُحِبُّ الْكَلَامَ إِلَّا فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ، فَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الدِّينِ وَفِي اللَّهِ عز وجل فالسكوت أحب إلي (منه) (١٢)، لأني رأيت أهل بلدنا


(١) سورة الأنعام: الآية (١٤٩).
(٢) سورة آل عمران: الآية (٤٠).
(٣) سورة المائدة: الآية (١).
(٤) سورة الرعد: الآية (٤١).
(٥) سورة البروج: الآية (١٥ ـ ١٦).
(٦) في (ت): "والحاصل".
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "التقدم".
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "المذهب للصحابة".
(٩) زيادة من (غ) و (ر).
(١٠) ساقط من (غ) و (ر).
(١١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وأقرّوه".
(١٢) زيادة من (غ) و (ر).