للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كان يقول: السنن السنن، (فإن) (١) (السُّنَنَ) (٢) قِوَامُ الدِّينِ (٣).

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ (عن أبيه) (٤) قَالَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ مُعْتَدِلًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ مولَّدون أَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ، فَأَخَذُوا فِيهِمْ بِالرَّأْيِ فضلُّوا وَأَضَلُّوا (٥).

فَهَذِهِ الْآثَارُ وَأَشْبَاهُهَا تُشِيرُ إِلَى ذَمِّ إِيثَارِ نَظَرِ الْعَقْلِ عَلَى آثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّأْيِ الْمَذْمُومِ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ، الْبِدَعُ الْمُحْدَثَةُ فِي الِاعْتِقَادِ، كَرَأْيِ (جَهْمٍ) (٦) وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَعْمَلُوا قِيَاسَهُمْ وَآرَاءَهُمْ فِي رَدِّ الْأَحَادِيثِ، فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَى اللَّهُ/ فِي الْآخِرَةِ (لِأَنَّهُ) (٧) تَعَالَى يَقُولُ: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ (وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ)} (٨) (٩) الْآيَةَ، فَرَدُّوا قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (١٠)، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ *} (١١)، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا/ اثْنَتَيْنِ} (١٢)، فرُّدوا الْأَحَادِيثَ الْمُتَوَاتِرَةَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ (١٣)، وردوا الأحاديث/ في


(١) في (ط): "إن".
(٢) في (غ) و (ر): "السنة".
(٣) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢٠٢٨).
(٤) ما بين القوسين زيادة من جامع بيان العلم.
(٥) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢٠١٥) و (٢٠٣١).
(٦) في جميع النسخ: أبي جهم.
(٧) في (م): "فإنه".
(٨) ما بين القوسين ساقط من (م).
(٩) سورة الأنعام: الآية (١٠٣).
(١٠) أحاديث رؤية الله عز وجل يوم القيامة، من الأحاديث المتواترة، وله عدة روايات، انظر: صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال، برقم (٢٢ و٤٥٨١ و٤٩١٩ و٦٥٦٠ و٦٥٧٤ و٧٤٣٨ و٧٤٣٩)، وفي مسلم (١٨٣ ـ ١٨٤)، والنسائي (٨ ١١٢)، وابن ماجه (١ ٦٣)، برقم (١٧٧ ـ ١٨٠). وقد جمع أغلب الروايات الواردة في المسألة الدارقطني في كتاب "رؤية الله".
(١١) سورة القيامة: الآيتان (٢٢، ٢٣).
(١٢) سورة غافر: الآية (١١).
(١٣) انظر طائفة من الأحاديث المتواترة في عذاب القبر وفتنته في كتاب قطف الأزهار المتناثرة للسيوطي (ص٢٩٤).