للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَقَلُّبَاتِهِ، مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ، أَوْ كان عاماً له ولأمته، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} (إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى) (١) خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (٢)، ثم قال تَعَالَى: {لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} (٣)، وقوله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} (٤)، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٥)، إِلَى سَائِرِ التَّكَالِيفِ الَّتِي وَرَدَتْ عَلَى كُلِّ مكلف، والنبي صلّى الله عليه وسلّم فِيهِمْ، فَالشَّرِيعَةُ هِيَ الْحَاكِمَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ عَلَيْهِ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، وَهِيَ الطَّرِيقُ الْمُوصِلُ وَالْهَادِي الْأَعْظَمُ.

أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (٦)، فهو صلّى الله عليه وسلّم أَوَّلُ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ بِالْكِتَابِ وَالْإِيمَانِ، ثُمَّ مَنِ اتَّبَعَهُ فِيهِ وَالْكِتَابُ هُوَ الْهَادِي، وَالْوَحْيُ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ مُرْشِدٌ وَمُبَيِّنٌ لِذَلِكَ الْهَدْيِ وَالْخَلْقُ مهتدون بالجميع، ولما استنار قلبه وجوارحه صلّى الله عليه وسلّم وَبَاطِنُهُ/ وَظَاهِرُهُ بِنُورِ الْحَقِّ عِلْمًا وَعَمَلًا، صَارَ هُوَ الْهَادِيَ الْأَوَّلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْمُرْشِدَ (الْأَعْظَمَ) (٧)، حَيْثُ (خصَّه) (٨) اللَّهُ دُونَ الْخَلْقِ بِإِنْزَالِ ذَلِكَ النُّورِ عَلَيْهِ، وَاصْطَفَاهُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ كَانَ مثله في الخلقة البشرية اصطفاءً (أزلياً) (٩)، لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ بَشَرًا عَاقِلًا ـ مَثَلًا ـ لِاشْتِرَاكِهِ مَعَ غَيْرِهِ فِي هَذِهِ// الْأَوْصَافِ، وَلَا لِكَوْنِهِ مِنْ قُرَيْشٍ ـ مَثَلًا ـ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا لَزِمَ ذَلِكَ فِي كُلِّ قُرَشِيٍّ، وَلَا لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ/ وَلَا لِكَوْنِهِ عَرَبِيًّا، وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ مِنْ جِهَةِ اخْتِصَاصِهِ بِالْوَحْيِ الَّذِي اسْتَنَارَ بِهِ قَلْبُهُ وَجَوَارِحُهُ فَصَارَ خُلَقه القرآن، حتى قيل فيه:


(١) ما بين القوسين ساقط من (م).
(٢) سورة الأحزاب: الآية (٥٠).
(٣) سورة الأحزاب: الآية (٥٢).
(٤) سورة التحريم: الآية (١).
(٥) سورة الطلاق: الآية (١).
(٦) سورة الشورى: الآية (٥٢).
(٧) في (غ) و (ر): "الأول".
(٨) في (غ) و (ر): "اختصه".
(٩) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): أولياً. وفي (ر): "اصطفاه أزلياً".