للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَصُّبَهُ يُؤَدِّي إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ أَوَّلًا، ثُمَّ إِلَى مُخَالَفَةِ مَتْبُوعِهِ، أَمَّا خِلَافُهُ لِلشَّرْعِ فَبِالْعَرْضِ، وَأَمَّا خِلَافُهُ لِمَتْبُوعِهِ فَلِخُرُوجِهِ عَنْ شَرْطِ الِاتِّبَاعِ، لِأَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يُصَرِّحُ أَوْ يُعَرِّضُ بِأَنَّ اتِّبَاعَهُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِالشَّرِيعَةِ لَا/ بِغَيْرِهَا، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ حَاكِمٌ بخلاف الشريعة خرج عن شرط متبوعه (فلم يكن تابعاً له، فتأملوا كيف يخرج عن تقليد مَتْبُوعِهِ) (١) بِالتَّصْمِيمِ عَلَى تَقْلِيدِهِ.

//وَمِنْ مَعْنَى كَلَامِ مالك بن أنس رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا كَانَ مِنْ كَلَامِي مُوَافِقًا للكتاب والسنة فخذوا به، وما لم (يوافقه) (٢) فَاتْرُكُوهُ (٣). هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ دُونَ لَفْظِهِ.

وَمِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْحَدِيثُ مَذْهَبِي فَمَا خَالَفَهُ فَاضْرِبُوا بِهِ الْحَائِطَ (٤)، أَوْ كَمَا قَالَ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا لِسَانُ/ حَالِ الْجَمِيعِ.

وَمَعْنَاهُ/ أن كل ما يتكلمون به (فإنما يقولون به) (٥) على (تحري) (٦) أنه مطابق للشريعة الْحَاكِمَةَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَا لَا فَلَيْسَ بِمَنْسُوبٍ إِلَى الشَّرِيعَةِ، وَلَا هُمْ أَيْضًا مِمَّنْ يُرْضَى أَنْ تُنْسَبَ إِلَيْهِمْ مُخَالَفَتُهَا.

لَكِنْ يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَجْهَانِ: أَنْ يَكُونَ الْمَتْبُوعُ مُجْتَهِدًا، فَالرُّجُوعُ فِي التَّخْطِئَةِ وَالتَّصْوِيبِ إِلَى مَا اجْتَهَدَ فِيهِ، وَهُوَ الشَّرِيعَةُ وَأَنْ يَكُونَ مُقَلِّدًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، كَالْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ مِنْ شَأْنِهِمْ تَقْلِيدُ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالنَّقْلِ مِنْ كُتُبِهِمْ وَالتَّفَقُّهِ فِي مَذَاهِبِهِمْ، فَالرُّجُوعُ فِي التَّخْطِئَةِ/ وَالتَّصْوِيبُ إِلَى صِحَّةِ النَّقْلِ عَمَّنْ نَقَلُوا عَنْهُ وَمُوَافَقَتُهُمْ لِمَنْ قَلَّدُوا، أَوْ خِلَافَ ذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا الْقِسْمَ


(١) ما بين () زيادة من (غ) و (ر).
(٢) في (ت) و (م) و (غ) و (ر): "يوافق".
(٣) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم برقم (١٤٣٥، ١٤٣٦).
(٤) انظر: مختصر المؤمل (٥٧ ـ ٦١)، وتعليق المحقق (ص٦١ ت٢١٩).
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) في (ط) و (خ) و (ت): "ما تحرى".