للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلزم أيضاً (١) أَنْ يَكُونَ لَهُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَلَيْسَ إِلَّا هَذَا النَّوْعُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ.

وَإِذَا ثَبَتَ جُزْئِيٌّ فِي الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، (ثَبَتَ مُطْلَقُ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ) (٢).

فَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى عِلْمُ النَّحْوِ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ عُلُومِ اللِّسَانِ، أَوْ عِلْمُ الْأُصُولِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الْخَادِمَةِ لِلشَّرِيعَةِ بِدْعَةً أَصْلًا.

وَمَنْ سَمَّاهُ بِدْعَةً، فَإِمَّا عَلَى الْمَجَازِ كَمَا سَمَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قيام الناس (في المسجد) (٣) فِي لَيَالِي رَمَضَانَ بِدْعَةً (٤)، وَإِمَّا جَهْلًا بِمَوَاقِعِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، فَلَا يَكُونُ قَوْلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُعْتَدًّا بِهِ، وَلَا مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِّ: (تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ)، يَعْنِي أَنَّهَا تُشَابِهُ الطَّرِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ فِي الحقيقة كذلك، بل هي مضادّة لها، (وبيان مشابها) (٥) مِنْ أَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

مِنْهَا: وَضَعُ الْحُدُودِ كَالنَّاذِرِ لِلصِّيَامِ قَائِمًا لَا يَقْعُدُ، ضَاحِيًا لَا يَسْتَظِلُّ،


(١) ساقط من جميع النسخ عدا (غ).
(٢) ما بين المعكوفين ساقط من أصل (خ)، ومثبت في هامشها.
(٣) ساقط من جميع النسخ عدا (غ) و (ر).
(٤) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان عن عبد الرحمن بن عبد القاريّ أنه قال: خرجت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرّقون يصلّي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ـ يريد آخر الليل ـ وكان الناس يقومون أوّله. البخاري مع الفتح (٤/ ٢٥٠)، ورواه مالك في الموطأ كتاب الصلاة في رمضان، باب ما جاء في قيام رمضان (١/ ١١٤).
(٥) ما بين القوسين ساقط من جميع النسخ عدا (غ) و (ر)، وعبارة (غ): "وبيان مشابهته".