للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (١)، قَالَ: "تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ" (٢).

وَمِنَ الْآيَاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *} (٣)، فَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ سَبِيلُ اللَّهِ الَّذِي دَعَا إليه، وهو السنّة، والسُّبُل هي سبل أهل الِاخْتِلَافِ الْحَائِدِينَ (٤) عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَهُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ.

وَلَيْسَ (٥) الْمُرَادُ سُبُلَ الْمَعَاصِي، لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ مِنْ حَيْثُ هِيَ مَعَاصٍ لَمْ يَضَعْهَا أَحَدٌ طَرِيقًا (٦) تُسْلَكُ دَائِمًا عَلَى مُضَاهَاةِ التَّشْرِيعِ، وَإِنَّمَا هَذَا الْوَصْفُ خَاصٌّ بِالْبِدَعِ الْمُحْدَثَاتِ.

وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا (٧) مَا رَوَى إِسْمَاعِيلُ (٨) عَنْ (٩) سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ (١٠)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ (١١) عَنْ عاصم بن بهدلة (١٢)


(١) سورة آل عمران، آية (١٠٦).
(٢) أخرجه الإمام اللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ٧٢)، ولفظه: "فأما الذين ابيضّت وجوههم فأهل السنة والجماعة وأولوا العلم، وأما الذين اسودّت وجوههم فأهل البدع والضلالة"، وابن أبي حاتم في التفسير (٣٩٥٠)، والآجري في الشريعة (٢٠٧٤)، وذكره الإمام السيوطي في الدر المنثور، وعزاه لابن أبي حاتم وأبو نصر السجزي في الإبانة، والخطيب في تاريخه (٢/ ٢٩١)، وذكره الإمام البغوي في معالم التنزيل (١/ ٣٣٩).
(٣) سورة الأنعام، آية (١٥٣).
(٤) في (خ) و (ر): "الجائرين".
(٥) في (م) و (ت): "ليس" بدون الواو.
(٦) في (ر): "طرقا".
(٧) في (ر): "ذلك".
(٨) هو إسماعيل القاضي، وقد مضت ترجمته (ص٧٦).
(٩) في (ر): "بن".
(١٠) هو أبو أيوب سليمان بن حرب الواشحي، إمام، ثقة، حافظ، تولّى قضاء مكة سنة أربع عشرة ومائتين، ثم عزل سنة تسع عشرة ومائتين. توفي سنة أربع وعشرين ومائتين.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٤/ ٨)، السير (١٠/ ٣٣٠)، التقريب (١/ ٣٢٢)، الكاشف (١/ ٣١٢).
(١١) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي، أبو إسماعيل، إمام، حافظ، ثبت، قال عنه الذهبي في السير: "لا أعلم بين العلماء نزاعاً في أن حماد بن زيد من أئمة السلف، ومن أتقن الحفاظ وأعدلهم، وأعدمهم غلطاً، على سعة ما روى"، توفي سنة تسع وسبعين ومائة.
انظر: التاريخ الكبير (٣/ ٢٥)، السير (٧/ ٤٥٦)، الكاشف (١/ ١٨٧)، التقريب (١/ ١٩٧).
(١٢) في (خ) و (ط): "بهالة"، وهو خطأ، والصواب المثبت.=