للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ (١) قَالَ: (أَهْلُ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ آفَةُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ فَيَتَصَيَّدُونَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَسَنِ الْجُهَّالِ (٢) مِنَ النَّاسِ، فَيَقْذِفُونَ بِهِمْ فِي الْمَهَالِكِ، فَمَا أَشْبَهَهُمْ بِمَنْ يَسْقِي الصَّبِر (٣) بِاسْمِ الْعَسَلِ، وَمَنْ يَسْقِي السُّمَّ الْقَاتِلَ بِاسْمِ التِّرْيَاقِ (٤)، فَأَبْصِرْهُمْ (٥)، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنْ أَصْبَحْتَ فِي بَحْرِ الْمَاءِ فَقَدْ أَصْبَحْتَ فِي بَحْرِ الْأَهْوَاءِ الَّذِي هُوَ أَعْمَقُ غَوْرًا، وَأَشَدُّ اضْطِرَابًا، وَأَكْثَرُ صَوَاعِقَ، وَأَبْعَدُ مَذْهَبًا مِنَ الْبَحْرِ وَمَا فِيهِ، فَتِلْكَ (٦) مَطِيَّتُكَ الَّتِي تَقْطَعُ بِهَا سَفَرَ الضَّلَالِ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ) (٧).

وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: (اعْلَمْ أَيْ أخي أن الموت اليوم (٨) كَرَامَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ عَلَى السُّنَّةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو وَحْشَتَنَا، وَذَهَابَ الْإِخْوَانِ، وَقِلَّةَ الْأَعْوَانِ، وَظُهُورَ الْبِدَعِ، وَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو عَظِيمَ مَا حَلَّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ ذَهَابِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَظُهُورِ الْبِدَعِ) (٩).

وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ (١٠) يَقُولُ: (اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ، وَبِسُّنَّةِ نَبِيِّكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْحَقِّ، وَمِنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى، وَمِنْ سُبُلِ الضَّلَالَةِ، ومن


هو مقاتل بن حيان النبطي البلخي الخراز، إمام محدث، كان من العلماء العاملين، ذا نسك وفضل، وكان صاحب سنة. قال يحيى بن معين: ثقة. توفي في حدود الخمسين ومائة.
انظر: سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٤٠)، تهذيب التهذيب (١٠/ ٢٧٧)، تاريخ البخاري الكبير (٨/ ١٣).
(١) في (ط): "عند الجهال".
(٢) الصَّبر بكسر الباء الدواء المر. انظر الصحاح للجوهري (٢/ ٧٠٧).
(٣) الترياق بكسر التاء دواء السموم (فارسي معرب)، والعرب تسمي الخمر ترياقا وترياقة. انظر الصحاح للجوهري (٤/ ١٤٥٣).
(٤) في (ت): "فأبصر بهم".
(٥) في (خ) و (ط): "ففلك".
(٦) لم أجده في كثير من مراجع ترجمته.
(٧) زيادة في (ت).
(٨) رواه الإمام ابن وضاح في البدع والنهي عنها كما عند المؤلف (ص٤٦)، وبلفظ أطول (ص٨٨).
(٩) هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، أحد العباد الزهاد المشهورين، توفي في سجن الحجاج سنة اثنتين وتسعين، ولم يبلغ الأربعين.
انظر: الكاشف للذهبي (١/ ٥٠)، الحلية لأبي نعيم (٤/ ٢١٠)، صفة الصفوة لابن الجوزي (٣/ ٩٠).