للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُبُهَاتِ الْأُمُورِ، وَمِنَ الزَّيْغِ وَالْخُصُومَاتِ) (١).

وَعَنْ عُمَرَ بن عبد العزيز رحمه الله أنه (٢) كَانَ يَكْتُبُ فِي كُتُبِهِ: (إِنِّي أُحَذِّرُكُمْ مَا مَالَتْ إِلَيْهِ الْأَهْوَاءُ وَالزِّيَغُ الْبَعِيدَةُ) (٣).

وَلَمَّا بَايَعَهُ الناس صعد الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ نَبِيٌّ، وَلَا بَعْدَ كِتَابِكُمْ كِتَابٌ، وَلَا بَعْدَ سُنَّتِكُمْ سُّنَّةٌ وَلَا بَعْدَ أُمَّتِكُمْ أُمَّةٌ، أَلَا وَإِنَّ الْحَلَالَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَلَا وَإِنَّ الْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِقَاضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِخَازِنٍ وَلَكِنِّي أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِخَيْرِكُمْ وَلَكِنِّي أَثْقَلُكُمْ حِمْلًا (٤)، أَلَا وَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ) (٥)، ثُمَّ نزل.

وفيه قال عروة بن أذينة (٦) من (٧) قصيدة (٨) يَرْثِيهِ بِهَا:

وَأَحْيَيْتَ فِي الْإِسْلَامِ عِلْمًا وَسُنَّةً

ولم تبتدع حكماً من الحكم أضجما (٩)


(١) رواه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٢١١ ـ ٢١٢)، وذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ١١٧٩).
(٢) ساقطة من (خ) و (ط).
(٣) انظر: سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم (ص٧١).
(٤) في (ت): "حميلا".
(٥) روى هذه الخطبة عنه الإمام ابن سعد في الطبقات (٥/ ٣٤٠)، وابن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز (٤٠ ـ ٤١).
(٦) هو عروة بن يحيى (ولقبه أذينة) بن مالك بن الحارث الليثي، شاعر غزل مقدم، من أهل المدينة، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضاً، ولكن الشعر أغلب عليه. توفي في حدود الثلاثين ومائة.
انظر: ترجمته وشيئاً من شعره في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني (١٨/ ٣٢٢)، فوات الوفيات (٢/ ٤٥١)، الأعلام (٤/ ٢٢٧).
(٧) في (خ) و (ت) و (ط): "عن".
(٨) المثبت من (ر)، وفي بقية النسخ: "أذينة".
(٩) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "أضجعا". والضجم: العوج. انظر: القاموس (١١٣١). قال الشيخ محمد رشيد رضا في تعليقه على الكتاب: "كذا في الأصل، وهو غلط ظاهر، ولعل أصله أسحما: أي أسود حالك السواد، لأن هذا أقرب الكلم في الصورة من أضجعا، وموافق في المعنى لوصفهم البدعة بالسوداء، والسنة بالبيضاء والغراء" (١/ ٨٧).