للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَفِي كُلِّ يَوْمٍ كُنْتَ تَهْدِمُ بِدْعَةً

وَتَبْنِي لَنَا مِنْ سُنَّةٍ مَا تَهَدَّمَا (١)

وَمِنْ كَلَامِهِ الَّذِي عُنِيَ بِهِ، وَيَحْفَظُهُ الْعُلَمَاءُ، وَكَانَ يُعْجِبُ مَالِكًا جِدًّا (٢)، وَهُوَ أَنْ قَالَ: (سنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ سُنَنًا، الْأَخْذُ بِهَا تَصْدِيقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَاسْتِكْمَالٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَقُوَّةٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُهَا، وَلَا تَبْدِيلُهَا، وَلَا النظر في شيء خالفها. مَنْ عَمِلَ بِهَا مُهْتَدٍ، وَمَنِ انْتَصَرَ بِهَا مَنْصُورٌ، وَمَنْ خَالَفَهَا اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (٣).

وَبِحَقٍّ (٤) مَا كَانَ (٥) يُعْجِبُهُمْ، فَإِنَّهُ كَلَامٌ مُخْتَصَرٌ جَمَعَ أُصُولًا حَسَنَةً مِنَ السُّنَّةِ، مِنْهَا مَا نَحْنُ فِيهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: (لَيْسَ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُهَا، وَلَا تَبْدِيلُهَا، وَلَا النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا) (٦)، قَطْعٌ لِمَادَّةِ الِابْتِدَاعِ جُمْلَةً.

وَقَوْلُهُ: (مَنْ عَمِلَ بِهَا مُهْتَدٍ) إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ، مَدْحٌ لِمُتَّبِعِ السُّنَّةِ، وَذَمٌّ لِمَنْ خَالَفَهَا (٧) بِالدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا *} (٨).


(١) لم أجد هذه الأبيات في ديوانه، كما لم أجد هذه الأبيات فيما اطلعت عليه من تراجمه.
(٢) قال القاضي عياض بعد ذكر قول عمر بن عبد العزيز: "وكان مالك إذا حدث بهذا ارتج سروراً". انظر ترتيب المدارك (١/ ١٧٢).
(٣) رواه الإمام الآجري في الشريعة عن مطرف بن عبد الله يقول: سمعت مالك بن أنس رضي الله عنه إذا ذكر عنده الزائغون في الدين يقول: قال عمر بن عبد العزيز وذكره. انظر الشريعة (ص٤٨، ٦٥، ٣٠٧)، وأبو نعيم في الحلية ضمن ترجمة مالك (٦/ ٣٢٤)، وعبد الله بن أحمد في السنة (١/ ٣٥٧)، واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ٩٤). وابن بطة في الإبانة الكبرى (١/ ٣٥٢). وذكره ابن كثير في البداية والنهاية من رواية الخطيب البغدادي (٩/ ٢٢٥)، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء من قول مالك (٨/ ٩٨)، وعزاه إلى عمر بن عبد العزيز أيضاً ابن أبي زيد في الجامع (ص١١٧)، وابن رجب في جماع العلوم والحكم (ص٢٥٠) والقاضي عياض في ترتيب المدارك (١/ ١٧٢).
(٤) في هامش (خ): "ولحق".
(٥) في (ط): "وكان".
(٦) في (ط): "من خالفها".
(٧) بعد هذه الكلمة أعاد ناسخ (ت) بعض ما كان كتبه.
(٨) سورة النساء: آية (١١٥).