للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ (١) قَالَ: (بَلَغَنِي أَنَّ مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةَ خلاه (٢) الشيطان والعبادة، وألقى (٣) عَلَيْهِ الْخُشُوعَ وَالْبُكَاءَ كَيْ يَصْطَادَ بِهِ) (٤).

وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عِبَادَةً مَفْتُونٌ) (٥)، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "يَحْقِرُ أَحَدَكُمْ صَلَاتَهُ فِي صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ فِي صِيَامِهِ" (٦) إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ (٧).

وَيُحَقِّقُ مَا قَالَهُ الْوَاقِعُ كَمَا نُقِلَ فِي الْأَخْبَارِ عَنِ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ. فَالْمُبْتَدِعُ يَزِيدُ في الاجتهاد لينال في الدنيا التعظيم والجاه والمال (٨) وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الشَّهَوَاتِ، بَلِ التَّعْظِيمُ أعلى (٩) شَهَوَاتِ الدُّنْيَا، أَلَا (١٠) تَرَى إِلَى انْقِطَاعِ الرُّهْبَانِ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ عَنْ جَمِيعِ الْمَلْذُوذَاتِ، وَمُقَاسَاتِهِمْ فِي أَصْنَافِ الْعِبَادَاتِ، وَالْكَفِّ عَنِ الشَّهَوَاتِ؟! وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ خَالِدُونَ فِي جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ *عَامِلَةٌ


(١) تقدمت ترجمته رحمه الله (ص١٨).
(٢) في (خ) و (ت) و (ط): "ضلالة"، وهو خطأ. ولا تستقيم العبارة بذلك، والمثبت هو ما في (م) و (غ) و (ر) وهو الموافق لما في الحوادث والبدع. وقد حاول الشيخ رشيد رضا تقريب العبارة فقال: ولعله: "آلفه الشيطان العبادة".
(٣) في (ط): "أو ألقى".
(٤) ذكر هذا القول له الإمام الطرطوشي في الحوادث والبدع (ص٢٩٧)، ولعل المؤلف قد نقله منه، لأن القول الذي بعده موجود في نفس الموضع.
(٥) رواه الإمام ابن وضاح عن رجل من الصحابة، ولكن بدون ذكر الحديث، وقال بعده: يعني صاحب بدعة.
انظر: البدع والنهي عنها (ص٦٢ ـ ٦٣)، وذكره الإمام الطرطوشي في الحوادث والبدع بتمامه (ص٢٩٧).
(٦) تقدم تخريجه الحديث (ص١٢)، وأكثر الروايات وردت بضمير الجمع في لفظة (صلاته) الثانية وكذلك (صيامه). وهذه الرواية عند الإمام البخاري (١٢/ ٢٩٠).
(٧) ذكر هذا القول لبعض الصحابة، واحتجاجهم بالحديث الإمام الطرطوشي في الحوادث والبدع (٢٩٧).
(٨) في (ط): "والمال والجاه".
(٩) في (خ) و (ط): "على".
(١٠) في (ر): "أولا".