للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَاصِبَةٌ *تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً *} (١) وَقَالَ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرَينِ أَعْمَالاً *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا *} (٢)، وَمَا (٣) ذَاكَ إِلَّا لِخِفَّةٍ يَجِدُونَهَا فِي ذَلِكَ الالتزام، ونشاط يداخلهم، يَسْتَسْهِلُونَ (٤) بِهِ الصَّعْبَ، بِسَبَبِ مَا دَاخَلَ النَّفْسَ مِنَ الْهَوَى، فَإِذَا بَدَا لِلْمُبْتَدِعِ مَا هُوَ عليه، رآه محبوباً عنده لاستعباده (٥) لِلشَّهَوَاتِ ـ وَعَمَلِهِ مِنْ جُمْلَتِهَا (٦) ـ وَرَآهُ مُوَافِقًا لِلدَّلِيلِ عِنْدَهُ، فَمَا الَّذِي يَصُدُّهُ عَنِ الِاسْتِمْسَاكِ بِهِ، وَالِازْدِيَادِ مِنْهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ أَعْمَالَهُ أَفْضَلُ من أعمال غيره، واعتقاداته أوفق وأعلى؟! أفبعد البرهان مطلب؟ (٧) {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (٨).

وَأَمَّا أَنَّ الْمُبْتَدِعَ يُلْقَى عَلَيْهِ الذُّلُّ فِي الدُّنْيَا وَالْغَضَبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ *} (٩) حَسْبَمَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ (١٠)، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْمُتَّخِذِينَ لِلْعِجْلِ إِنَّمَا ضَلُّوا بِهِ حَتَّى (١١) عَبَدُوهُ، لِمَا سَمِعُوا مِنْ خُوَارِهِ، وَلِمَا (أَلْقَى) (١٢) إِلَيْهِمُ السَّامِرِيُّ فِيهِ، فَكَانَ فِي حَقِّهِمْ شُبْهَةً خَرَجُوا بِهَا عن الحق الذي كان في أيديهم، ثم (١٣) قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}، فَهُوَ عُمُومٌ فِيهِمْ وَفِيمَنْ أَشْبَهَهُمْ، مِنْ حَيْثُ كَانَتِ الْبِدَعُ كُلُّهُا افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ حَسْبَمَا أخبر في كتابه في قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ} (١٤).


(١) سورة الغاشية: آيات (٢ ـ ٤).
(٢) سورة الكهف: آيتان (١٠٣ ـ ١٠٤).
(٣) في (م) و (ت): "ما" بدون الواو.
(٤) في (ت): "يستهلون".
(٥) المثتب من (ر)، وفي بقية النسخ "لاستبعاده".
(٦) غير واضحة في (ت)، وكتب بإزائها في الهامش "جهتها" وكأنها نسخة أخرى.
(٧) هكذا العبارة في (م) و (ت)، وفي (خ) و (ط): "أفيفيد البرهان مطلباً"، ويظهر تعديل الناسخ لكلمة "أفبعد" إلى "أفيفيد".
(٨) سورة المدثر: آية (٣١).
(٩) سورة الأعراف: آية (١٥٢).
(١٠) تقدم (ص١١٠).
(١١) ساقطة من (ت)، وفي (غ): "حيث".
(١٢) ساقطة من (م) وأصل (خ) و (ت)، ومثبتة في (ط) وهامش (خ) و (ت).
(١٣) مثبتة في (غ): وساقطة من بقية النسخ.
(١٤) سورة الأنعام: آية (١٤٠).