للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَقِّ مَعَ الْبُنَيَّاتِ فِي الشَّرْعِ فَوَاضِحٌ (١) أَيْضًا. فَمَنْ تَرَكَ الْوَاضِحَ وَاتَّبَعَ غَيْرَهُ (٢) فَهُوَ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ لَا لِلشَّرْعِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (٣)، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَجِيءِ الْبَيَانِ (٤) الشَّافِي، وَأَنَّ التَّفَرُّقَ إِنَّمَا حَصَلَ مِنْ جِهَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ لَا مِنْ (٥) جِهَةِ الدَّلِيلِ. (فَهُوَ إذًا) (٦) مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الْهَوَى بِعَيْنِهِ.

وَالْأَدِلَّةُ عَلَى هَذَا (كَثِيرَةٌ، تُشِيرُ) (٧) أَوْ تُصَرِّحُ بِأَنَّ كُلَّ (٨) مُبْتَدِعٍ إِنَّمَا يَتَّبِعُ هَوَاهُ، وَإِذَا اتَّبَعَ هَوَاهُ كَانَ مَذْمُومًا وَآثِمًا. وَالْأَدِلَّةُ عَلَيْهِ أَيْضًا (٩) كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} (١٠)، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} (١١)، وَقَوْلِهِ: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} (١٢) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِذًا كُلُّ مُبْتَدِعٍ مَذْمُومٌ آثم (١٣).

والثالث: أن عامة المبتدعة قائلة (١٤) بالتحسين والتقبيح (١٥)، فَهُوَ عُمْدَتُهُمُ الْأُولَى، وَقَاعِدَتُهُمُ الَّتِي يَبْنُونَ عَلَيْهَا الشَّرْعَ، فَهُوَ الْمُقَدَّمُ فِي نِحَلِهِمْ، بِحَيْثُ لَا يَتَّهِمُونَ الْعَقْلَ، وَقَدْ يَتَّهِمُونَ الْأَدِلَّةَ إِذَا (١٦) لَمْ تُوَافِقْهُمْ فِي الظَّاهِرِ (١٧)، حَتَّى يَرُدُّوا كَثِيرًا مِنَ الأدلة الشرعية (بسببه، ولا يرد قضية من قضايا العقل بحسب معارضة الدليل الشرعي) (١٨).


(١) في (ت) و (غ) و (ر): "واضح".
(٢) بياض في (ت).
(٣) سورة آل عمران: آية (١٠٥).
(٤) في (خ): "البينات".
(٥) بياض في (ت).
(٦) ما بين المعكوفين مطموس في (ت).
(٧) ما بين المعكوفين بياض في (ت).
(٨) بياض في (ت).
(٩) في (ت): "أيضاً عليه".
(١٠) سورة القصص: آية (٥٠).
(١١) سورة ص: آية (٢٦).
(١٢) سورة الكهف: آية (٢٨).
(١٣) في (خ): "مذموم وآثم".
(١٤) في (ر): "مائلة".
(١٥) تقدم التعليق على هذه المسألة (ص٢١٣).
(١٦) في (ط): "إذ".
(١٧) في (ت): "الظر".
(١٨) ما بين المعكوفين ساقط من جميع النسخ عدا (غ) و (ر).