للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَحَقِيقَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا تَحْتَوِي عَلَى قِسْمَيْنِ: مُبْتَدِعٍ وَمُقْتَدٍ بِهِ.

فَالْمُقْتَدِي بِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعِبَارَةِ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التبع (١)، وَالْمُبْتَدِعُ هُوَ الْمُخْتَرِعُ، أَوِ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الِاخْتِرَاعِ، وَسَوَاءٌ عَلَيْنَا أَكَانَ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ مِنْ قَبِيلِ الْخَاصِّ (٢) بِالنَّظَرِ (٣) فِي الْعِلْمِ، أَوْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَامِّيِّ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَمَّ أَقْوَامًا قَالُوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (٤)، فكأنهم استندوا (٥) إِلَى دَلِيلٍ جُمْلِيٍّ، وَهُوَ الْآبَاءُ إِذْ (٦) كَانُوا عندهم (٧) من أهل العقل والنظر (٨)، وَقَدْ كَانُوا عَلَى هَذَا الدِّينِ، وَلَيْسَ إِلَّا لِأَنَّهُ صَوَابٌ، فَنَحْنُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خطأ لما ذهبوا إليه.

وهو نظير استدلال (٩) مَنْ يَسْتَدِلُّ عَلَى صِحَّةِ الْبِدْعَةِ بِعَمَلِ الشُّيُوخِ وَمَنْ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالصَّلَاحِ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرِيعَةِ أَوْ من أهل التقليد، ولا إلى (١٠) كَوْنِهِ يَعْمَلُ بِعِلْمٍ أَوْ بِجَهْلٍ (١١)، وَلَكِنَّ مِثْلَ هَذَا يُعَدُّ اسْتِدْلَالًا فِي الْجُمْلَةِ، مِنْ حَيْثُ جُعِلَ عُمْدَةً فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى، وَاطِّرَاحِ مَا سِوَاهُ. فَمَنْ أَخَذَ بِهِ فَهُوَ آخِذٌ بِالْبِدْعَةِ (١٢) بِدَلِيلٍ مِثْلِهِ، وَدَخَلَ فِي مُسَمَّى أَهْلِ الِابْتِدَاعِ (١٣)، إذ كان من حق من (١٤) هذا (١٥) سبيله أن ينظر في الحق إذ (١٦) جاءه، ويبحث عنه (١٧)، ويتأنى ويسأل حتى يتبين له الحق (١٨) فيتبعه، أو الباطل (١٩) فيجتنبه.


(١) في (ط): "المتبع".
(٢) في (غ): "الخواص".
(٣) في (غ) و (ر): "بالناظرين".
(٤) سورة الزخرف: آية (٢٢).
(٥) في (ط): "استدلوا".
(٦) في (خ) و (ط): "إذا".
(٧) في (م): "عنهم".
(٨) ساقطة من (خ) و (ط).
(٩) ساقطة من (خ) و (ط).
(١٠) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(١١) في (خ): "أو يجهل".
(١٢) في (غ) و (ر): "للبدعة".
(١٣) ساقطة من (م)، وفي (غ): "الابتداع".
(١٤) ساقطة من (ت).
(١٥) في (خ) و (ط): "من كان هذا سبيله".
(١٦) في (خ) و (ط)؛ "أن".
(١٧) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(١٨) ساقطة من (خ) و (ط).
(١٩) في (م) و (غ): "والباطل".