للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فله مثل (١) أَجْرُ فَاعِلِهِ" (٢).

وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ (٣) مَنِ اتبعه غير منقوص (٤) من أجورهم شيئا، ومن سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ (٥) وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (٦) مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا" حَسَنٌ صَحِيحٌ (٧).

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَرِيحَةٌ فِي (٨) أَنَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَذَلِكَ خَيْرٌ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِيمَنِ ابْتَدَعَ قوله (٩): "مَنْ سَنَّ"، فَنُسِبَ الِاسْتِنَانُ إِلَى الْمُكَلَّفِ دُونَ الشَّارِعِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ: مَنْ عَمِلَ سُنَّةً ثَابِتَةً فِي الشَّرْعِ، لَمَا قَالَ: "مَنْ سَنَّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأنه (١٠) أول من سن القتل" (١١). "فسن" هاهنا على حقيقته (١٢)، لأنه اختراع (١٣) لَمْ يَكُنْ قَبْلُ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ وُجُودِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً" أَيْ مَنِ اخْتَرَعَهَا مِنْ نَفْسِهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ حَسَنَةً، فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا ذُكِرَ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ عَمِلَ سُنَّةً ثَابِتَةً، وَإِنَّمَا الْعِبَارَةُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُقَالَ: مَنْ عَمِلَ بِسُنَّتِي أو بسنة (١٤) من سنتي، وما أشبه (١٥) ذلك.


(١) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(٢) رواه الإمام مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب، عن أبي مسعود البدري (١٣/ ٣٨، ٣٩)، والإمام الترمذي في كتاب العلم من سننه، باب ما جاء الدال على الخير كفاعله برقم (٢٦٧١)، (٥/ ٤٠)، والإمام أبو داود في كتاب الأدب من سننه، باب في الدال على الخير برقم (٥١٢٩)، (٤/ ٣٣٦)، والإمام أحمد في المسند (٤/ ١٢٠).
(٣) في (غ): "فله أجره وأجر من اتبعه".
(٤) في (خ): "منقص".
(٥) في (خ) و (ط): "وزرها"، والمثبت هو الموافق للرواية.
(٦) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "منقص".
(٧) تقدم تخريج الحديث (ص١١٨).
(٨) ساقطة من (م) و (ت) و (غ) و (ر) و (ط).
(٩) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(١٠) في (غ): "ذلك لأنه".
(١١) تقدم تخريج الحديث (ص٢٣).
(١٢) في (خ) و (ط): "حقيقة".
(١٣) في (ط): "اخترع".
(١٤) في (خ) و (ط): "سنة".
(١٥) في (غ): "أما أشبه".