للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (١)، تَصَدَّقَ (٢) رَجُلٌ مِنْ (٣) دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حتى قال: ولو بشق تمرة" قال: فجاء (٤) رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ. قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتى رأيت وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ (٥) كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ (٦)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا (٧) بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" (٨).

فَتَأَمَّلُوا أَيْنَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً" وَ) (٩) "مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً"، تَجِدُوا ذَلِكَ فِيمَنْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ عَلَى أَبْلَغِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، حيث (١٠) أتى (١١) بِتِلْكَ الصُّرَّةِ، فَانْفَتَحَ بِسَبَبِهِ (١٢) بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَبْلَغِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَالَ: "مَن سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً" الْحَدِيثَ، فَدَلَّ (١٣) عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ هَاهُنَا مِثْلُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الصَّحَابِيُّ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ كَوْنُهُ سُنَّةً، وَأَنَّ الْحَدِيثَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي" الحديث إلى


(١) سورة الحشر: آية (١٨).
(٢) غير واضحة في (ت).
(٣) ساقطة من (م) و (خ) و (ت).
(٤) في (ط): "فجاءه".
(٥) قال الإمام النووي في شرح مسلم: (يتهلل: أي يستنير فرحاً وسروراً) (٧/ ١٠٣).
(٦) قال الإمام النووي في شرح مسلم: (وعلى هذا ذكر القاضي وجهين في تفسيره: أحدهما: معناه فضة مذهبة، فهو أبلغ في حسن الوجه وإشراقه، والثاني شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود، وجمعها مذاهب، وهي شيء كانت العرب تصنعه من جلود، وتجعل فيها خطوطاً مذهبه يرى بعضها أثر بعض). شرح مسلم للنووي (٧/ ١٠٣).
(٧) ساقطة من (ت).
(٨) تقدم تخريج الحديث (ص٣٣٣).
(٩) ما بين المعكوفين ساقط من (ط).
(١٠) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "حتى".
(١١) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(١٢) في (غ): "بنيته".
(١٣) في (م) و (ت): "يدل".