للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من كان يلتقط نوى التمر فيرضخها (١)، وَيَبِيعُهَا عَلَفًا لِلْإِبِلِ، وَيَتَقَوَّتُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجِدْ وَجْهًا يَكْتَسِبُ بِهِ لقوت ولا سكنى (٢)، فَجَمَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُفَّةٍ كَانَتْ فِي مَسْجِدِهِ، وَهِيَ سَقِيفَةٌ كَانَتْ مِنْ جُمْلَتِهِ (٣)، إِلَيْهَا يَأْوُونَ، وَفِيهَا (٤) يَقْعُدُونَ، إِذْ لم يجدوا (منزلاً، كما لَمْ يَجِدُوا) (٥) مَالًا وَلَا أَهْلًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُضُّ النَّاسَ عَلَى إِعَانَتِهِمْ (٦) وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ وَصَفَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عَنْهُ إِذْ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَهُوَ أَعْرَفُ النَّاسِ بِهِمْ، قَالَ فِي الصَّحِيحِ: (وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَا يَتَنَاوَلُ (٧) مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا، وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا) (٨).

فَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، وَحَكَمَ لَهُمْ ـ كَمَا تَرَى ـ بِحُكْمِ الْأَضْيَافِ (٩)، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الضِّيَافَةُ فِي الْجُمْلَةِ، لِأَنَّ مَنْ نَزَلَ بِالْبَادِيَةِ لَا يَجِدُ مَنْزِلًا وَلَا طَعَامًا لِشِرَاءٍ، إِذْ لَمْ يَكُنْ (١٠) لِأَهْلِ الْوَبَرِ أَسْوَاقٌ يَنَالُ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، مِنْ طَعَامٍ يُشْتَرَى، وَلَا خَانَاتٌ يؤوى (١١) إِلَيْهَا، فَصَارَ الضَّيْفُ مُضْطَرًّا، وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ، فَوَجَبَ عَلَى أَهْلِ الْمَوْضِعِ ضِيَافَتُهُ (١٢) وَإِيوَاؤُهُ (١٣) حَتَّى يَرْتَحِلَ، فَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ فذلك أحرى.


(١) في (خ): "فيرضعها"، وفي (م) و (ت) و (ط): "فيرضها"، قال في القاموس: "والمرضاخ: حجر يرضخ به النوى" (ص٢٥١).
(٢) في (خ) و (ط): "لسكنى".
(٣) في (ت): "حملته".
(٤) في (غ): "فيها" بدون الواو.
(٥) ما بين المعكوفين ساقط من (خ) و (ت) و (ط).
(٦) في (م) و (ت) و (غ) و (ر): "إغاثتهم".
(٧) في (غ) و (ر): "ولم يتناول".
(٨) رواه الإمام البخاري في كتاب الرقاق من صحيحه، باب كيف كان عيش النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، عن أبي هريرة رضي الله عنه (١١/ ٢٨١ فتح).
(٩) في (غ) و (ر): "الأوضاف".
(١٠) ساقطة من (ت).
(١١) في (خ) و (ت) و (ط): "يأوي".
(١٢) في (غ) و (ر): "إغاثته"، وهي ساقطة من (م) و (ت).
(١٣) ساقطة من (م) و (ت) و (غ) و (ر).