للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَذَلِكَ أَهْلُ الصُّفَّةِ لَمَّا لَمْ يَجِدُوا مَنْزِلًا آوَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَجِدُوا، كَمَا أَنَّهُمْ حِينَ لَمْ يَجِدُوا مَا يَقُوتُهُمْ نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِعَانَتِهِمْ.

وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلُ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ}، إِلَى قَوْلِهِ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (١) الْآيَةَ، فَوَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَوْصَافٍ مِنْهَا أَنَّهُمْ أَحُصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَيْ مُنِعُوا وَحُبِسُوا حِينَ قَصَدُوا الْجِهَادَ مَعَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم كأن العدو (٢) أحصرهم، فلا يستطيعون ضرباً في الأرض، لا (٣) لِاتِّخَاذِ الْمَسْكَنِ وَلَا لِلْمَعَاشِ، لِأَنَّ (٤) الْعَدُوَّ قَدْ كَانَ (٥) أَحَاطَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَا هُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْجِهَادِ حَتَّى يَكْسِبُوا مِنْ غَنَائِمِهِ، وَلَا هُمْ يتصرفون (٦) لِلتِّجَارَةِ (٧) أَوْ غَيْرِهَا لِخَوْفِهِمْ (٨) مِنَ الْكُفَّارِ، وَلِضَعْفِهِمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَلَمْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِلْكَسْبِ أصلاً.

وقد قيل: في (٩) قَوْلَهُ تَعَالَى: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ} (١٠) أَنَّهُمْ قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارُوا زَمْنَى (١١).

وَفِيهِمْ أَيْضًا نَزَلَ (قَوْلُهُ تَعَالَى) (١٢): {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ


(١) سورة البقرة: الآيتان (٢٦٧ ـ ٢٧٣).
(٢) في (م) و (ت): "العذر".
(٣) ساقطة من (م) و (غ) و (ر).
(٤) في (خ) و (ت) و (ط): "كأن".
(٥) ساقطة من (خ) و (ط).
(٦) في (خ) و (ت) و (ط): "يتفرغون".
(٧) في (غ) و (ر): "بتجارة".
(٨) في (غ) و (ر): "لخروجهم".
(٩) في (خ) و (ط): "أن"، وساقطة من (م) و (ت).
(١٠) سورة البقرة: آية (٢٧٣).
(١١) زمنى جمع زمن وهو المبتلى. الصحاح للجوهري (٥/ ٢١٣١).
وقد ذكر القولين في سبب نزول الآية الإمام ابن الجوزي في زاد المسير (١/ ٣٢٧ ـ ٣٢٨)، والإمام الشوكاني في فتح القدير (١/ ٢٩٣).
(١٢) ما بين المعكوفين ساقط من (خ) و (ط).
والآية نزلت في أهل الصفة وغيرهم من فقراء المهاجرين، فلا يفهم من عبارة المؤلف التخصيص.