للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ اسْتَحْسَنُوهَا قَمْعًا لِلنَّفْسِ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَيْلِ إِلَى الرَّاحَةِ، وَإِيثَارًا إِلَى (١) مَا يُبْنَى (٢) عَلَيْهِ مِنَ الْمُجَاهَدَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقُشَيْرِيَّ جَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَبْنِي عَلَيْهِ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي طَرِيقِهِمْ (الْخُرُوجَ (٣) عن المال، فإن ذلك الذي (٤) يميل به (٥) عن الحق، ولم يوجد مريد دخل (٦) فِي هَذَا الْأَمْرِ وَمَعَهُ عَلَاقَةٌ مِنَ الدُّنْيَا إلا جرته تلك العلاقة (٧) عَنْ قَرِيبٍ إِلَى مَا مِنْهُ خَرَجَ .. ) (٨) إِلَى آخَرِ مَا قَالَ.

وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ مَعَ ظَوَاهِرِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّا نَعْرِضُ ذَلِكَ عَلَى الحالة الأولى، وهي حَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ، إِذْ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِالْخُرُوجِ عَنْ مَالِهِ، وَلَا أَمَرَ صَاحِبَ صَنْعَةٍ (٩) بِالْخُرُوجِ عَنْ صَنْعَتِهِ، وَلَا صَاحِبَ تِجَارَةٍ بِتَرْكِ (١٠) تِجَارَتِهِ، وَهُمْ كَانُوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ حَقًّا، وَالطَّالِبُونَ لِسُلُوكِ طَرِيقِ الْحَقِّ صِدْقًا، وَإِنْ سَلَكَ مَنْ بعدهم ألف سنة، لم يدرك (١١) شَأْوَهُمْ، وَلَمْ يَبْلُغْ هُدَاهُمْ (١٢).

ثُمَّ إِنَّهُ كَمَا يَكُونُ الْمَالُ شَاغِلًا فِي الطَّرِيقِ عَنْ بُلُوغِ الْمُرَادِ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ فَرَاغُ الْيَدِ مِنْهُ جُمْلَةً شاغلاً عنه، وليس (أحد


= (١١/ ٣٢٣)، وأبو نعيم في الحلية (٨/ ٢٧٦)، والبزار في مسنده كما في كشف الأستار (١/ ٤٦٩)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه الطبراني في الكبير، والبزار، ورجال البزار ثقات، وكذلك رجال الطبراني. المجمع (٣/ ١٦٥) وصحح الألباني إسناده في إرواء الغليل (٣/ ١١).
(١) في (غ): "على".
(٢) في (م) و (غ) و (ر): "بنى".
(٣) قال القشيري في الرسالة: "وإذا أراد الخروج عن العلائق، فأولها: الخروج ... " وذكر ما نقل هنا.
(٤) ساقطة من (غ).
(٥) في (خ) و (ط): "يميل إليه به ... ".
(٦) عبارة (م) و (خ) و (ت) و (ط): "من يدخل".
(٧) في (ط): "لعلاقة".
(٨) انظر: الرسالة القشيرية، باب الوصية للمريدين (ص٢١٣).
(٩) في (خ): "صنعته".
(١٠) في (خ): "بمن بل بترك تجارته"، وهو إضراب عن الخطأ.
(١١) في (خ) و (ت) و (ط): "يبلغ".
(١٢) في (ر): "مداهم".