ومقصود ابن حجر بالانقطاع: أي بين أبي قلابة وأبي مسعود وحذيفة، فإنه لم يسمع منهما. وقد أوضح ذلك ابن عساكر في: "الأطراف" ـ كما في "تحفة الأشراف" (٣/ ٤٥)، فقال ـ عقب الحديث ـ: "لم يسمع منهما أبو قلابة". ويشكل على هذا الإعلال: رواية الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٨٥)، والحسن بن سفيان في "مسنده" ـ كما في "النكت الظراف" (٣/ ٤٥ ـ ٤٦) ـ للحديث من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، وفيها يقول أبو قلابة: "حدثني أبو عبد الله؛ قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم". وقد اعتمد ابن حجر على هذه الرواية في نفي كون أبي عبد الله هذا هو حذيفة، فقال في "النكت": "وفي تفسير "أبي عبد الله" في هذا الحديث بأنه حذيفة نظر؛ لأن الوليد بن مسلم روى هذا الحديث ... "، ثم ذكره، ثم قال: "فعلى هذا فأبو عبد الله آخر غير حذيفة؛ لأن أبا قلابة ما أدرك حذيفة". وقال في "التهذيب" (٤/ ٥٤٨ ـ ٥٤٩): "وأبو قلابة لم يسمع من حذيفة، فالظاهر أنه غيره". لكن صنيعه هنا ينافي إعلاله له في "فتح الباري" بالانقطاع، بل قال في "الإصابة" (١١/ ٢٤١ ـ ٢٤٢) عن رواية الحسن بن سفيان في "مسنده" من طريق الوليد: "وسنده صحيح متصل أُمن فيه من تدليس الوليد وتسويته ... "، ثم ذكر قول أبي داود: "أبو عبد الله هذا هو حذيفة بن اليمان"، ثم تعقبه بقوله: "كذا قال! وفيه نظر؛ لأن أبا قلابة لم يدرك حذيفة، وقد صرّح في رواية الوليد بأن أبا عبد الله حدثه، والوليد أعرف بحديث الأوزاعي من وكيع". قلت: هذا لو كان المخالف للوليد وكيعاً فقط، أما وقد تابعه أئمة حفاظ؛ كابن المبارك، وروايته في كتاب "الزهد"، وكأبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وروايته عند البخاري في "الأدب المفرد" والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، فإن رواية الوليد تُعَدّ شاذة؛ لمخالفته ثلاثة من الأئمة الحفاظ، وعليه فالراجح ضعف هذا الحديث للانقطاع بين أبي قلابة وبين حذيفة وأبي مسعود، والله أعلم. (١) تقدم تخريجه (ص٤٣). (٢) في (غ) و (ر): "ونقله"، وعلق رشيد رضا هنا بقوله: لعله: "زلَّة".اهـ.