للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: كأني (١) بك وقد استحسنت ما رأيت (٢) مِنْ مَجْلِسِنَا، فَقُلْتُ: أَيّ خَلِيفَةٍ خَلِيفَتُنَا! إِنْ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ (٣) بِقَوْلِ أَبِيهِ مِنَ الْقَوْلِ بخلق القرآن. [فقلت: نعم] (٤). فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ عَلَى ذَلِكَ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ، حتى أُقْدِمَ (٥) عَلَى الْوَاثِقِ (٦) شَيْخٌ (٧) مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ من "أَذَنَة" (٨)؛ من الثَّغْر الشامي، مُقَيَّدٌ طوَالٌ (٩)، حَسَنَ الشَّيْبة، فسلَّم غيرَ هَائِبٍ، وَدَعَا فأَوجز، فرأَيت الْحَيَاءَ مِنْهُ فِي حَمَالِيق عَيْنَيِ الْوَاثِقِ وَالرَّحْمَةَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: يَا شَيْخُ (١٠)! أَجِبْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحمد بْنَ أَبي دُؤَاد (١١) عَمَّا يسأَلك عَنْهُ. فَقَالَ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ! أَحمد يَصْغُرُ وَيَضْعُفُ وَيَقِلُّ عِنْدَ الْمُنَاظَرَةِ. فَرَأَيْتُ الْوَاثِقَ وقد (١٢) صار مكان الرحمة عليه والرِّقَّة له غَضَبًا (١٣)، فَقَالَ: أَبو عَبْدِ اللَّهِ يَصْغُرُ وَيَضْعُفُ وَيَقِلُّ (١٤) عِنْدَ مُنَاظَرَتِكَ؟ فَقَالَ: هوِّن عَلَيْكَ يَا أَمير المؤمنين! أَتأْذن (١٥) فِي كَلَامِهِ؟ فَقَالَ لَهُ الْوَاثِقُ: قَدْ أَذنت (١٦) لك.

فأَقبل الشَّيْخُ عَلَى أَحْمَدَ، فَقَالَ: يَا أَحمد! إِلامَ دَعَوْتَ النَّاسَ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ (١٧) لَهُ الشَّيْخُ: مَقَالَتُكَ هَذِهِ الَّتِي دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَيْهَا مِنَ الْقَوْلِ بِخَلْقِ القرآن، أَداخلة في الدين فلا يكون


(١) في (خ): "كأنني".
(٢) قوله: "ما رأيت" ليس في (خ) و (م).
(٣) في (خ): "يقل".
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من "مروج الذهب".
(٥) في (م): "قدم".
(٦) قوله: "على الواثق" ليس في (غ) و (ر).
(٧) في (خ): "شيخاً".
(٨) قوله: "من أذنة" ليس في (غ) و (ر).
وأذنة: بلد من الثغور قرب المصِّيصة بنيت سنة (١٩٠هـ) في وقت هارون الرشيد. انظر: "معجم البلدان" (١/ ١٣٣).
(٩) في (خ): "مقيداً طوالاً".
(١٠) في (غ) و (ر): "أيا شيخ".
(١١) في (غ) و (ر) و (م): "داود".
(١٢) في (غ) و (ر): "قد".
(١٣) في (خ): "الرحمة غضباً عليه".
(١٤) في (خ): "يقلل".
(١٥) في (خ): "أتأذن لي".
(١٦) قوله: "قد أذنت" ليس في (غ).
(١٧) في (غ) و (ر): "قال".