للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْهُ: أَنهم قَالُوا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الإِناء حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فإِن أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَين بَاتَتْ يَدُهُ" (١): إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُفْسِدُ (٢) آخِرُهُ أَوله، فَإِنَّ أَوله صَحِيحٌ لَوْلَا قَوْلُهُ: "فَإِنَّ أَحدكم لا يدري" كذ، فما منا أَحد إِلا وقد (٣) درى أن يده باتت حيث بات بدنه (٤). وأَشد الأُمور أَن يَكُونَ مسَّ بِهَا فَرْجَهُ، وَلَوْ أَن رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ لَمَا طُلِبَ بِغَسْلِ يَدِهِ، فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِالْغَسْلِ (٥) وَلَا يَدْرِي هَلْ مسَّ فَرْجَهُ أَم لَا؟

وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مِنَ النَّمَطِ الَّذِي (٦) قَبْلَهُ، إِذ النَّائِمُ قَدْ يَمَسُّ (٧) فَرْجَهُ فَيُصِيبُهُ شيءٌ مِنْ نجاسة بقيت (٨) فِي الْمَحَلِّ؛ لِعَدَمِ اسْتِنْجَاءٍ تَقَدَّمَ النَّوْمَ، أَو لكونه استجمر فعرق (٩) مَوْضِعِ الِاسْتِجْمَارِ، وَهُوَ لَوْ كَانَ يَقْظَانَ فَمَسَّ لعلم بالنجاسة إِذا علقت بيده، فيغسلها قبل غمسها فِي الإِناء لِئَلَّا يُفْسِدَ الماءَ، وإِذا أَمكن هَذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ الِاعْتِرَاضُ.

فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ رَاجِعٌ إِلى إِسقاط الأَحاديث بالرأْي الْمَذْمُومِ الَّذِي تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ (١٠) عَلَيْهِ أَنَّهُ من البدع المحدثات.


=وقال ابن حجر في "فتح الباري" (٦/ ٤٥٢): "وقيل: خصّ يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له، فبالغ في ذكر فضله لسدّ هذه الذريعة".
(١) أخرجه البخاري (١٦٢)، ومسلم (٢٧٨) من حديث أبي هريرة.
(٢) كذا في (خ)، وهو الصواب الموافق لما عند ابن قتيبة المنقول عنه هذا النص (ص٨٨)، وفي باقي النسخ: "يُفَسِّر" بالراء.
(٣) قوله: "وقد" ليس في (خ).
(٤) في (خ) و (م): "درى أين باتت يده".
(٥) في (غ) و (ر): "بغسل".
(٦) قوله: "الذي" ليس في (غ) و (م) و (ر).
(٧) في (م): "مس".
(٨) قوله: "بقيت" ليس في (خ).
(٩) في (خ): "يكون استجمر فرق".
(١٠) في (خ): "استشهاد"، وفي (م): "استشهادنا".