للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا نَصَّ (١) الشَّارِعُ عَلَى إِظْهَارِهِ؛ كَالذِّكْرِ فِي الْعِيدَيْنِ (٢) وَشِبَهِهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَكَانُوا مُثَابِرِينَ على إخفائه وستره (٣). ولذلك قال لهم حِينَ رَفَعُوا أَصواتهم: "أَرْبِعُوا (٤) عَلَى أَنفسكم، إِنَّكُمْ لا تدعون أَصَمَّ ولا غائباً" (٥) وأَشباهه، فلم يُظْهِرُوهُ (٦) فِي الْجَمَاعَاتِ.

فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ هَذَا الأَصل فَقَدْ خَالَفَ إِطْلَاقَ الدَّلِيلِ أوَّلاً؛ لأنَّه قَيَّدَ فِيهِ بالرأْي، وَخَالَفَ مَنْ كَانَ أَعرف مِنْهُ بِالشَّرِيعَةِ، وَهُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ رَضِيَ اللَّهُ عنهم، بل قد (٧) كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ عليه السلام يُحِبُّ أَن يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ (٨) أَن يَعْمَلَ به (٩) الناس فيفرض عليهم (١٠).

وفي فصل البيان (١١) من كتاب "الْمُوَافَقَاتِ" (١٢) جُمْلَةٌ مِنْ هَذَا، وَهُوَ مَزَلَّةُ قَدَمٍ. فَقَدْ يُتَوهَّم أَن إِطلاق اللَّفْظِ يُشْعِرُ بِجَوَازِ كل ما يمكن أن يفرض (١٣) في مدلوله وقوعاً، وليس كذلك، وخصوصاً (١٤) في العبادات؛


(١) قوله: "نص" في موضعه بياض في (خ). وعلق عليه رشيد رضا بقوله: بياض في الأصل، ولو وضع فيه كلمة "نص" أو "حث" لصحّ المعنى، ولعله الأصل. اهـ.
(٢) الأدلة عليه كثيرة؛ منها: قوله تعالى في آية الصيام: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: ١٨٥].
وأخرج البخاري (٩٧١)، ومسلم (٨٩٠) من حديث أم عطية رضي الله عنها؛ قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيّض، فيكنّ خلف الناس، فيكبِّرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته.
(٣) في (خ) و (م): "وسره".
(٤) في (خ): "أرفقوا".
(٥) أخرجه البخاري (٤٢٠٥)، ومسلم (٢٧٠٤) من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
(٧) (٦) في (خ): "ولم يظهرونه".
قوله: "قد" ليس في (خ).
(٨) في (خ): "خوفاً".
(٩) قوله: "خشية أن يعمل به" سقط من (م)، وكتب الناسخ بالهامش ما نصه: "لعل هنا سقطاً، وهو: خوف أن يعمل به".
(١٠) أخرجه البخاري (١١٢٨)، ومسلم (٧١٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١١) انظر: "الموافقات" (٤/ ٧٣).
(١٢) في (خ): "وفي فصل من الموافقات"، وفي (م): "وفي فصل الموافقات".
(١٣) قوله: "أن يفرض" ليس في (خ).
(١٤) في (خ): "وليس خصوصاً".