للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَاحِيَةِ الْبِشَارَةِ، وإِنما يَبْقَى الْكَلَامُ فِي التَّحْدِيدِ بالأَربعين، وإِذا لم يؤخذ (١) عَلَى اللُّزُومِ اسْتَقَامَ.

وَعَنْ أَبي يَزِيدَ البِسْطَامي رحمه الله؛ قَالَ: رأَيت رَبِّي فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ الطريق إِليك؟ فقال: اترك نفسك وتعال (٢).

وشاهد (٣) هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الشَّرْعِ مَوْجُودٌ، فَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ صَحِيحٌ؛ لأَنه كَالتَّنْبِيهِ لِمَوْضِعِ (٤) الدَّلِيلِ؛ لأَن تَرْكَ النَّفْسِ مَعْنَاهُ تَرْكُ هَوَاهَا بإِطلاق، وَالْوُقُوفُ عَلَى قَدَمِ الْعُبُودِيَّةِ، وَالْآيَاتُ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى *} (٥)، وَمَا أَشبه ذَلِكَ. فَلَوْ رأَى فِي النَّوْمِ قائلاً يقول له (٦): إِن فُلَانًا سَرَقَ فَاقْطَعْهُ، أَو عَالِمٌ فاسأَله، أَو اعْمَلْ بِمَا يَقُولُ لَكَ، أَو فُلَانٌ زنى فحُدَّه، أَوْ ما (٧) أَشبه ذَلِكَ؛ لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْعَمَلُ حَتَّى يَقُومَ لَهُ الشَّاهِدُ فِي الْيَقَظَةِ، وإِلا كَانَ عَامِلًا بِغَيْرِ شَرِيعَةٍ؛ إِذ لَيْسَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْيٌ.

وَلَا يُقَالُ: إِن الرُّؤْيَا مِنْ أَجزاءِ النُّبُوَّةِ (٨)، فَلَا ينبغي أَن تهمل، وأَيضاً فإِن (٩) الْمُخْبِرَ فِي الْمَنَامِ قَدْ يَكُونُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَدْ قَالَ: "مَنْ رآني في النوم فقد رآني (١٠)، فإِن الشَّيْطَانَ لَا يتمثَّل بِي" (١١). وإِذا كَانَ كذلك (١٢)؛ فإخباره له (١٣) في النوم كإِخباره في اليقظة.


(١) في (خ) و (م): "يوجد".
(٢) ذكر قول أبي يزيد هذا القشيري في "رسالته" (ص١٧٧).
(٣) في (خ) و (م): "وشأن".
(٤) في (غ) و (ر): "لوضع".
(٥) سورة النازعات: الآيتان (٤٠، ٤١).
(٦) قوله: "له" ليس في (غ) و (خ).
(٧) في (خ): "وما".
(٨) أخرج البخاري في "صحيحه" (٦٩٩٤)، ومسلم (٢٢٦٤) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن عبادة بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: "رؤيا المؤمن جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".
(٩) في (خ): "إن".
(١٠) في (خ) و (م): "رآني حقاً".
(١١) أخرجه البخاري (١١٠)، ومسلم (٢٢٦٦) من حديث أبي هريرة.
(١٢) قوله: "كذلك" ليس في (خ) و (م).
(١٣) قوله: "له" ليس في (خ).