للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَسْبَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ}؛ أَي: أَنَّ مَنْ عَمِلَ بِهَا (١) فِي وَقْتِهَا ثُمَّ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ بَعْثِهِ وفَّيناه أَجره.

وإِنما قُلْنَا: إِنها فِي هَذَا الْوَجْهِ إِضافية؛ لأَنها لَوْ كَانَتْ حَقِيقِيَّةً لَخَالَفُوا بِهَا شَرْعَهُمُ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ؛ لأَن هَذَا حَقِيقَةُ الْبِدْعَةِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بها أَجر، بل كانوا يستحقون بها (٢) الْعِقَابَ لِمُخَالَفَتِهِمْ لأَوامر اللَّهِ وَنَوَاهِيهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنهم إنما (٣) فعلوا ما كان جائزاً لهم فعله، وعند ذلك تكون بدعتهم جائزاً لهم فعلها (٤)، فَلَا تَكُونُ بِدْعَتُهُمْ حَقِيقِيَّةً، لَكِنَّهُ يُنْظَرُ عَلَى أَي مَعْنَى أُطْلِقَ عَلَيْهَا لَفْظُ الْبِدْعَةِ، وسيأْتي بعدُ (٥) بِحَوْلِ اللَّهِ.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الأُمة مِنْهُ حُكْمٌ؛ لأَنه قد (٦) نُسِخَ فِي شَرِيعَتِنَا، فَلَا رهبانيَّة فِي الإِسلام (٧)، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" (٨).

عَلَى أَن ابْنَ الْعَرَبِيِّ (٩) نَقَلَ فِي الْآيَةِ أَربعة أَقوال: الأَول: مَا تَقَدَّمَ (١٠). وَالثَّانِي: أَن الرَّهْبَانِيَّةَ رَفْضُ النِّسَاءِ، وَهُوَ الْمَنْسُوخُ فِي شَرْعِنَا (١١). وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا (١٢) اتخاذ الصوامع للعزلة. والرابع: أنها (١٣)


(١) في (غ) و (ر): "عمل فيها".
(٢) قوله: "بها" ليس في (خ).
(٣) قوله: "إنما" ليس في (خ).
(٤) من قوله: "وعند ذلك تكون" إلى هنا سقط من (خ).
(٥) قوله: "بعد" ليس في (ر).
(٦) قوله: "قد" ليس في (خ) و (م).
(٧) يشير إلى الحديث الآتي تخريجه (ص٢١٢).
(٨) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١)، كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٩) في "أحكام القرآن" (٤/ ١٧٤٤).
(١٠) وهو ما سبق في حديث ابن مسعود (ص١٤٤)، والرهبانية فيه بمعنى اعتزال الخلق بالسياحة في الجبال والترهب فيها.
(١١) في (غ) و (ر): "شريعتنا".
(١٢) قوله: "أنها" ليس في (خ).
(١٣) قوله: "أنها" سقط من (خ).